النادم المتحسّر يعضّ يده غمّا ، فتصير يده مسقوطا فيها ، لأنّ فاه وقع فيها.
و «سقط» مسند إلى «في أيديهم». (وَرَأَوْا) وعلموا (أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا) باتّخاذ العجل حين رجع إليهم موسى (قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا) بإنزال التوبة (وَيَغْفِرْ لَنا) بالتجاوز عن الخطيئة (لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ). وقرأ حمزة والكسائي بالتاء (١) ، وربّنا على النداء.
(وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً) شديد الغضب. وقيل : حزينا.
(قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي) أي : بئسما فعلتم خلفي حيث عبدتم العجل ، والخطاب للعبدة. أو قمتم مقامي فلم تكفّوا العبدة ، والخطاب لهارون والمؤمنين معه. و «ما» نكرة موصوفة تفسّر المستكن في «بئس» والمخصوص بالذمّ محذوف ، تقديره : بئس خلافة خلفتمونيها من بعدي خلافتكم.
ومعنى قوله : (مِنْ بَعْدِي) بعد انطلاقي إلى ميقات ربّي. أو من بعد ما رأيتم منّي من التوحيد والتنزيه ، والحمل عليه والكفّ عمّا ينافيه.
(أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ) أتركتموه غير تامّ. يقال : عجل عن الأمر ، إذا تركه غير تامّ. ونقيضه : تمّ عليه ، وأعجله عنه غيري. ويضمّن معنى «سبق» ، فيعدّى تعديته.
فيقال : عجلت الأمر. والأمر هو انتظار موسى حافظين لعهده بعده ، أي : أعجلتم وعد ربّكم الّذي وعدنيه لكم من الأربعين ، وقدّرتم موتي ، وغيّرتم بعدي كما غيّرت الأمم بعد أنبيائهم؟
قيل : إنّ السامريّ قال لهم : إنّ موسى لن يرجع ، وأنّه قد مات.
روي أنّهم عدّوا عشرين يوما بلياليها ، فجعلوها أربعين ، ثمّ أحدثوا ما أحدثوا.
(وَأَلْقَى الْأَلْواحَ) طرحها من شدّة الغضب وفرط الضجر ، حميّة للدين.
__________________
(١) أي : قرءا : لم ترحمنا ربّنا ....