روي أنّ التوراة كانت سبعة أسباع في سبعة أسباع في سبعة ألواح ، فلمّا ألقاها انكسرت ، فرفع ستّة اسباعها ، وكان فيها تفصيل كلّ شيء ، وبقي سبع كان فيه المواعظ والأحكام.
(وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ) بشعر رأسه (يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) لشدّة ما ورد عليه من استعظام فعلهم ، مفكّرا فيما كان منهم ، كما يفعل الإنسان بنفسه مثل ذلك عند الغضب وشدّة الفكر ، فيقبض على لحيته ويعضّ شفته. فأجرى موسى أخاه هارون مجرى نفسه ، فصنع به ما يصنع الإنسان بنفسه عند حالة الغضب والفكر.
وقال المفيد رحمهالله : أراد موسى أن يظهر ما اعتراه من شدّة الغضب على قومه ، بسبب ما صاروا إليه من الكفر والارتداد ، فصدر ذلك منه للتألّم بضلالهم ، وإعلامهم عظم الحال عنده ، لينزجروا عن مثله في مستقبل الأحوال. وهارون كان أكبر منه بثلاث سنين. وكان حمولا ليّنا ، ولذلك كان أحبّ إلى بني إسرائيل.
(قالَ ابْنَ أُمَ) ذكر الأمّ ليرقّقه عليه ، فإنّ ذكرها أبلغ في الاستعطاف. وكانا من أب وأمّ. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم : ابن أمّ بالكسر.
وأصله : يا ابن أمّي ، فحذفت الياء اكتفاء بالكسرة تخفيفا ، كالمنادى المضاف إلى الياء. والباقون بالفتح ، زيادة في التخفيف ، لطوله ، أو تشبيها بخمسة عشر.
(إِنَّ الْقَوْمَ) الّذين تركتني بين أظهرهم (اسْتَضْعَفُونِي) قهروني واتّخذوني ضعيفا ، ولم آل جهدا في كفّهم بالإنذار والوعظ (وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي) أي : قاربوا قتلي ، لشدّة إنكاري عليهم (فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ) فلا تفعل بي ما يشمتون بي لأجله ، من الاستهانة بي والإساءة إليّ ، أي : لا تسرّهم بما تفعل بي ما يوهم ظاهره خلاف التعظيم. (وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي : قرينا لهم ومعدودا فيهم ، في إظهار الغضب عليّ.
(قالَ) موسى حين تبيّن له ما نبّهه هارون عليه من الاعتذار ، وذكر شماتة