(سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) (١).
وقيل : شبّه بالكلب إذا أخرج لسانه لإيذاء الناس بلسانه ، حملت عليه أو تركته. والتمثيل واقع موقع لازم التركيب الّذي هو نفي الرفع ، ووضع المنزلة للمبالغة.
وقيل : لمّا دعا على موسى خرج لسانه فوقع على صدره ، وجعل يلهث كالكلب.
(ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) من اليهود ، بعد ما قرءوا نعت رسول الله في التوراة ، وبشّروا الناس بقرب مبعثه ، وكانوا يستفتحون به (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ) أي : قصّة بلعم على اليهود ، فإنّها نحو قصصهم (لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) تفكّرا يؤدّي بهم إلى الاتّعاظ ، فيحذرون مثل عاقبته ، إذ ساروا بسيرته ، وزاغوا شبه زيغه ، ويعلمون أنّك علمته من جهة الوحي فتزداد الحجّة لزوما لهم.
(ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ) أي : مثل القوم (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) بعد قيام الحجّة عليهم وعلمهم بها. وقوله : (وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ) إمّا أن يكون داخلا في الصلة معطوفا على «كذّبوا» بمعنى : الّذين جمعوا بين تكذيب الآيات وظلم أنفسهم.
أو منقطعا عنها ، بمعنى : وما ظلموا بالتكذيب إلّا أنفسهم ، فإنّ وباله لا يتخطّاها ، ولذلك قدّم المفعول ، فكأنّه قيل : رخّصوا أنفسهم بالظلم لم يتعدّها إلى غيرها.
(مَنْ يَهْدِ اللهُ) إلى نيل الثواب ، أو الّذي هداه الله فقبل الهداية وأجاب إليها (فَهُوَ الْمُهْتَدِي) للإيمان (وَمَنْ يُضْلِلْ) أي : يضلله الله عن طريق الجنّة ، وعن نيل الثواب ، عقوبة على كفره وفسقه. أو الّذي اختار الضلالة فخلّى الله بينه وبين ما اختاره ، ولم يمنعه منه بالجبر. (فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) خسروا أنفسهم في حرمانهم عن الجنّة. وإفراد الضمير أوّلا والجمع ثانيا باعتبار اللفظ والمعنى ، تنبيها
__________________
(١) الأعراف : ١٩٣.