بتزيين الباطل وتسويله إيّاه صورة الحقّ (أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) عن الحقّ.
نسب إضلالهم إلى الشيطان ، فلو كان سبحانه قد أضلّهم بخلق الضلال فيهم ـ على ما يقوله المجبّرة ـ لنسب إضلالهم إلى نفسه دون الشيطان ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ) في القرآن من الأحكام (وَإِلَى الرَّسُولِ) في حكمه (رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ) في موقع الحال ، أي : حال كونهم يعرضون (عَنْكَ) عن حكمك (صُدُوداً) إعراضا. هو مصدر أو اسم للمصدر الّذي هو الصّدّ. والفرق بينه وبين السّدّ أنّه غير محسوس ، والسّدّ محسوس.
(فَكَيْفَ) يكون حالهم (إِذا أَصابَتْهُمْ) نالتهم من الله (مُصِيبَةٌ) عقوبة (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) من التحاكم إلى غيرك ، وعدم الرضا بحكمك ، وإظهار السخط به (ثُمَّ جاؤُكَ) فيعتذرون إليك. عطف على «أصابتهم». وقيل : على «يصدّون» وما بينهما اعتراض. (يَحْلِفُونَ بِاللهِ) حال من فاعل «جاءوك» (إِنْ أَرَدْنا) ما أردنا بالتحاكم إلى غيرك (إِلَّا إِحْساناً) وهو التخفيف عنك ، فإنّا نحتشمك برفع الصوت في مجلسك ، ونقتصر على من يتوسّط لنا برضا الخصمين (وَتَوْفِيقاً) وتأليفا وجمعا بينهما من دون أن يحكم بينهما ، ولم نرد المخالفة لذلك ، والتسخّط لحكمك.
(أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ) من الشرك والنفاق ، فلا يغني عنهم الكتمان والحلف الكاذب من العقاب (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) أي : عن عقابهم لمصلحة في استبقائهم ، أو عن قبول معذرتهم (وَعِظْهُمْ) بلسانك ، وكفّهم عمّا هم عليه (وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ) أي : في معنى أنفسهم من النفاق (قَوْلاً بَلِيغاً) يبلغ من نفوسهم كلّ مبلغ ، ويؤثّر فيهم على وجه لم يعيدوا بمثل ما فعلوا من التحاكم إلى الطاغوت ، وغيره من آثار النفاق ، بأن تخوّفهم بالقتل والاستئصال إن ظهر منهم