والأظهر الاكتفاء بما يصدق عليه الغسل مع إزالة العين ، وفاقاً لجماعة من أصحابنا (١) ، لإطلاق الصحاح المستفيضة وغيرها ، حيث أمَرَ فيها بالغسل والصبّ.
والأكثر على أنّ أقلّ ما يجزئ : هو مِثلاً ما على الحشفة ، لرواية نشيط بن صالح ، عن الصادق عليهالسلام ، قال : سألته كم يجزئ من الماء في الاستنجاء من البول؟ فقال : «بمثلَي ما على الحشفة من البَلل» (٢) ويمكن تنزيله على المختار ، فإنّ مثلَي البلل أقلّ ما يمكن استيلاؤه على المخرَج ، ولا يمكن بدونه عادة ، مع أنّ نشيطاً روى أيضاً أنّه يجزئ من البول أن يغسله بمثله (٣).
ثمّ إنّهم اختلفوا في تفسير المثلين ، فقيل : المراد مِثلا البلل ، لكن مع التعدّد (٤).
ويَرِد عليه : أنّ كُلا من البللين لا يصدق معه الغسل المعتبر المدلول عليه بالصحاح ، لعدم حصول الاستيلاء ، مع منع الدلالة على التعدّد.
وقيل : مِثلا القطرة المتخلّفة على الحشفة بعد خروج البول مع اعتبار التعدّد (٥).
وفيه : مع مخالفته لظاهر الرواية ، ومنع دلالته على التعدّد ، أنّه لا يقاوم الإطلاقات ، فيكفي الأقلّ ، إلّا أن يقال بانجبار سندها بالشهرة. مع أنّه في نفسه لا يخلو عن قوّة.
وقيل : إنّ المراد الغَسلة الواحدة ، لاشتراط الغلبَة في المطهر ، وهي لا تحصل بالمِثل (٦).
__________________
(١) كالسيد المرتضى في الانتصار : ١٦ ، والجمل : ٥٠ ، وأبي الصلاح في الكافي في الفقه : ١٢٧ ، والشيخ في الجمل والعقود : ١٥٧.
(٢) التهذيب ١ : ٣٥ ح ٩٣ ، وفي الاستبصار ١ : ٤٩ ح ١٣٩ ، والوسائل ١ : ٢٤٢ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٦ ح ٥ ، مثلا بدل بمثلي.
(٣) التهذيب ١ : ٣٥ ح ٩٤ ، الاستبصار ١ : ٤٩ ح ١٤٠ ، الوسائل ١ : ٢٤٣ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٦ ح ٧.
(٤) جامع المقاصد ١ : ٩٣.
(٥) جامع المقاصد ١ : ٩٤.
(٦) قد يستفاد من المعتبر ١ : ١٢٧ ، حيث قال : ولأنّ غسل النجاسة بمثلها لا يحصل معه اليقين بغلبة المطهّر على