وأما الرواية الثانية ، ففيه أنّ تمام ظهر القدم لا يجب مسحه إجماعاً منّا كما تقدّم ، فيحمل على ما اقتضته الأدلّة.
ثم يجب أن يكون المسح ببلّة الوضوء بإجماع علمائنا ، وتدلّ عليه الأخبار البيانيّة على الوجه الذي قررنا ، وخصوص صحيحة زرارة عن الباقر عليهالسلام «إنّ الله وتر يحب الوتر ، فقد يجزئك من الوضوء ثلاث غرفات ، واحدة للوجه ، واثنتان للذراعين ، وتمسح ببلّة يمناك ناصيتك ، وما بقي من بلّة يمناك ظهر قدمك اليمنى ، وتمسح ببلّة يسراك ظهر قدمك اليسرى» (١).
وما رواه المفيد في الإرشاد في حكاية عليّ بن يقطين مع الرشيد ، وأمر الكاظم عليهالسلام إيّاه بالوضوء على طريقة العامّة أوّلاً ، ثم على طريقة الخاصّة بعد رفع الخوف عنه ، قال : «وامسح بمقدّم رأسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك ، فقد زال ما كُنّا نخافُ عليك والسلام» (٢) والأخبار آتية (٣).
هذا إذا بقي في اليد بلّة ، وإلّا فيأخذ من لحيته أو حاجبه أو أهدابه (٤) أو غير ذلك من مظانّها ، بلا خلاف ظاهر بين الأصحاب ، لما رواه الصدوق مرسلاً عن الصادق عليهالسلام : «إن نسيت مسح رأسك فامسح عليه وعلى رجليك من بلّة وضوئك ، فإن لم يكن بقي في يدك من نداوة وضوئك شيء فخذ ما (٥) بقي منه في لحيتك ، وامسح به رأسك ورجليك ، وإن لم يكن لك لحية فخذ من حاجبيك وأشفار عينيك ، وامسح به رأسك ورجليك ، فإن لم يبقَ من بلّة وضوئك شيء أعدت الوضوء» (٦)
__________________
(١) التهذيب ١ : ٣٦٠ ح ١٠٨٣ ، الوسائل ١ : ٣٠٦ أبواب الوضوء ب ٣١ ح ٢.
(٢) إرشاد المفيد : ٢٩٤ ، الوسائل ١ : ٣١٢ أبواب الوضوء ب ٣٢ ح ٣.
(٣) في «م» : الآتية.
(٤) في «ز» ، «ح» : وأهدابه.
(٥) في المصدر : ممّا ، وهو أنسب.
(٦) الفقيه ١ : ٣٦ ح ١٣٤ ، الوسائل ١ : ٢٨٨ أبواب الوضوء ب ٢١ ح ٨.