قصاص شعر الرأس إلى الذقن ، وما حَوَت عليه الإصبعان مستديراً فهو من الوجه ، وما سوى ذلك فليس من الوجه» فقلت له : الصدغ من الوجه؟ فقال : «لا» (١) الحديث.
ولا نعرف خلافاً في عدم وجوب غسل الصدغ ، إلّا عن (٢) ظاهر الراوندي (٣). وذلك (٤) إما من جهة هذه الرواية بتخصيص بعض أجزائها لبعض ، أو لأنّه خارج عن التحديد غالباً ، هذا إذا أردنا من الصدغ مجموعة ، أو المراد ما لم تبلغه الإصبعان من جملته وإن وجب جزأه الذي شملاه.
وهذا التقرير في بيان مذهب الأصحاب مبنيّ على ما فهمه المحقّق البهائي من كلامهم (٥) ، وتبعه على ذلك المحقّق الخونساري رحمهالله في شرح الدروس (٦) ، غفلة عن حقيقة الحال ، وزعما أنّ مرادهم من الصدغ هو ما بين آخر العين والأُذن. ولذلك أورد المحقّق البهائي عليهم بأنّ تحديدهم المذكور وتنزيلهم الصحيحة عليه يوجب دخول ما هو خارج عن الحدّ ، وهو الصدغ ، نظراً إلى فتواهم
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٧ ح ١ ، الفقيه ١ : ٢٨ ح ٨٨ ، التهذيب ١ : ٥٤ ح ١٥٤ ، الوسائل ١ : ٢٨٣ أبواب الوضوء ب ١٧ ح ١ ، بتفاوت يسير.
(٢) في «م» : من.
(٣) فقه القرآن ١ : ١٣.
(٤) يعني أنّ قولهم : «بعدم وجوب غسل الصدغ مع عدم دخول شيء منه في التحديد المجمع عليه فيه منافاة» يندفع لمنع المنافاة مستنداً بأنّ مرادهم بعدم وجوب غسل الصدغ عدم وجوب غسل ما لم تبلغه الإصبعان وهو ما نذكره بقولنا «أو المراد ما لم تبلغه الإصبعان» أو بأحد الوجهين الذي ذكرناه بقولنا «أما من جهة هذه الرواية إلى آخره» يحمل كلامهم على ظاهره من إرادة مجموع الصدغ ، فإما نستدل بالرواية حيث قال في جواب سؤال الراوي أنّ الصدغ من الوجه «لا» يظهر منه عدم وجوب غسل الصدغ رأساً ، إلّا أنّه مخصص بما ذكر في أوّل الرواية من التحديد بما دارت عليه الإبهام والوسطى ، أو نقول : إنّ مجموع الصدغ خارج عن التحديد غالباً ، فظهر أنّ التنافي إنّما يلزم لو أرادوا عدم وجوب غسل أجزاء الصدغ ، وهو خارج عن مرادهم ، فينزل قول الراوي على إرادة وجوب غسل جميع الصدغ بقرينة المقابلة ، فتأمل (منه رحمهالله).
(٥) الحبل المتين : ١٤.
(٦) مشارق الشموس : ١٠١.