وأمّا ما فهمه الشهيد من أنّ المنفي وجوبه هو المستور دون الظاهر وإن كان في الخفيف ، فمع (١) أنّه خلاف ظاهر كلام القوم ، وخلاف تلك الأدلّة فيه : أنّه غير ممكن ، إذ مع المسح وتحريك اليد وجريان الماء تنتقل الشعور من مواضعها ، فربما يغسل الموضع المستور ولا يغسل الظاهر ، فلا بد من غسل الجميع من باب المقدّمة ، فلا تبقى للنزاع ثمرة وفائدة إلّا الفرق بين أقسام الوجوب ، ولا يخفى ما فيه.
وأمّا على ما اخترناه من إجزاء الظاهر فيغسل الظاهر ، ويمسح عليه ، ولا يضرّ عدم حصول غسل ما كان ظاهراً لمنع الشعر إيّاه ، كما لا يضرّ غسل ما كان مستوراً.
وأمّا غسل ما زاد على الوجه المحدود فلا إشكال في عدمه.
الثاني : يجب غسل اليدين إلى المرفقين والتحديد للمغسول ، لأنّ هذه العبارة تستعمل فيه وفي تحديد الفعل (٢) ، كقولك اخضب يدك إلى الزند ، وصيقل سيفي إلى القبضة ، ولا مرجّح ، إلّا أنّ المتيقن هو تحديد المحلّ.
ويجوز الابتداء من المرفقين بإجماعنا ، بل العامّة أيضاً كما قيل (٣) ، ومصرّح به في الأخبار المعتبرة الكثيرة جدّاً (٤).
وأمّا وجوبه ، فالمشهور فيه ذلك ، خلافاً للسيد (٥) وابن إدريس (٦) ، واستدلّوا بمثل ما مرّ ، والأخبار البيانيّة في خصوص المرفقين أكثر وأصرح ، وفي رواية الهيثم
__________________
(١) في «م» : مع.
(٢) في «م» : الغسل.
(٣) الناصريّات (الجوامع الفقهيّة) : ١٨٤ ، قال : ومن عدا فقهاء الشيعة يجعل المتوضّئ مخيّراً بين الابتداء بالأصابع أو المرفق ، وجعل بعد ذلك عدم قبول صلاة من ابتدأ بالمرفق خلاف إجماع الفقهاء.
(٤) انظر الوسائل ١ : ٢٧١ أبواب الوضوء ب ١٥ ، وص ٢٨٥ ب ١٩.
(٥) الانتصار : ١٧ ، رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢١٣.
(٦) السرائر ١ : ٩٩.