من الأدلة على الوجه الذي حقّقناه. ولعلّ المحقّق تمسك باستصحاب النجاسة ، ومنع دلالة الأدلة في غير النزح.
ثم الظاهر على القول بالنجاسة سقوط النزح بذلك ، وأما على القول بالتعبّد فقيل (١) : إنّه لو حصل التطهير بالممازجة والاستهلاك يسقط ، لعدم بقاء الاسم ، ولو حصل بالاتّصال لو قيل به لم يسقط.
ولو أُجريت البئر النجسة ففي طهارتها ونجاستها وطهارة ما بقي بعد جريان قدر المنزوح أوجه ، أوجهها الأخير ، وأحوطها الأوسط.
ولو زال تغيّر المتغيّر بالنجس من قبل نفسه أو بعلاج فلا يطهر ، ولكن هل يكتفى بنزح ما يزول معه التغيّر لو كان باقياً ، أو يجب نزح الجميع؟ فيه قولان ، أظهرهما الأوّل.
ولعلّ من يوجب نزح الجميع يتمسّك بعدم إمكان ضبط مقدار مزيل التغيّر حينئذٍ ، وهو ممنوع في جميع الصور ، فلا يطّرد. وهذا الحكم يجري على المختار أيضاً للاستصحاب.
وأما لو غار الماء ثم عاد ، فقال كثير من الأصحاب بسقوط النزح (٢) ، لأنّ علّة الطهارة هو ذهاب الماء ، وهو موجود هنا كما في النزح ، ولأنّ ما يجب نزحه هو ماء البئر المحكوم بنجاسته ولم يعلم وجوده حينئذٍ. ورد : بمنع العلّة ، فلعل للنزح مدخليّة لحصول الجريان إلى الخارج. وبأنّ ما ذكر لا يوجب طهارة أرض البئر ، فيتنجس الخارج بالملاقاة لاستصحاب النجاسة.
ويمكن منع نجاسة الماء الخارج بالملاقاة ، فإنّ ما دلّ على نجاسة ماء البئر لا يشمل هذه كما لا يخفى.
ويشكل بأنّ ذلك لا يرفع استصحاب نجاسة الأرض ، إلّا أن يقال بعدم استحالة
__________________
(١) مشارق الشموس : ٢٤٢.
(٢) المعتبر ١ : ٧٨ ، المنتهي ١ : ١٠٨ ، قواعد الأحكام ١ : ١٨٨ ، كشف اللثام ١ : ٤١.