شعره شعر الرأس ، وإلّا فهو مما تبلغه الإصبعان ، فيجب غسله ، والأحوط الغسل في الجميع.
والعبرة في ذلك بمستوي الخلقة ، فالأنزع والأغم (١) وقصير الأصابع وطويلها يغسلون ما يغسله المستوي.
ثمّ إنّ شيخنا البهائي (٢) حمل صحيحة زرارة على معنى آخر أوجب نقص الوجه عما ذكره الأصحاب بكثير ، وهو أنّه جعل إحاطة الإصبعين حدّا لكلّ من الطول والعرض ، بمعنى أنّ الخطّ المتوهّم من قصاص الشعر إلى طرف الذقن ، وهو الذي تشتمل عليه الإصبعان غالباً إذا أُثبت (٣) وسطه وأُدير على نفسه حتّى يحصل شبه دائرة ، فذلك القدر هو الذي يجب غسله ، وهو خلاف الظاهر من الرواية ، والأجنبي بالنسبة إلى مكالمات الشارع. مع أنّ الظاهر منه أيضاً أنّه يدخل في الحدّ شيء من الصدغ ، وهو خلاف صريح الصحيحة على ما فهمه.
وذِكر الإبهام والوسطى والإصبعان في الرواية وإرادتهما بنفسهما في الجملة مما يناسب المقام ، لكونهما إله الغسل ، ومعيار التحديد. وأمّا على ما فهمه الشيخ فيفوت ذلك ، لأنّ المراد هو مقدار ما بين طرفيهما ، وكذلك يخلو الحديث حينئذٍ عن إفادة الإشارة بوجهٍ ما إلى الابتداء بالأعلى ، بخلاف ما فهمه الجمهور.
والمشهور وجوب البدأة من الأعلى ، خلافاً للسيد (٤) وابن إدريس (٥).
لنا : صحيحة زرارة على ما في التهذيب في صفة وضوء رسول الله صلّى الله
__________________
(١) الأغمّ من سال شعر رأسه حتّى ضاقت جبهته وقفاه. المصباح المنير ١ : ١٢٤.
(٢) الحبل المتين : ١٤.
(٣) في «ز» ، «ح» : ثبت.
(٤) نقله عنه في المعتبر ١ : ١٤٣ ، والمختلف ١ : ٢٧٦ ، وقد قاله السيّد المرتضى في المصباح كما في الجواهر ٢ : ١٤٨.
(٥) السرائر ١ : ٩٩.