وهي لا تحصل إلّا للقطعة الفوقانيّة ، وما سيجيء في القول بكفاية الاتّصال في التطهير من أنّ طهارة السطح الفوقاني مستلزمة لتطهير ما سواه ، فستعرف بطلانه.
وبالجملة القدر الثابت بالدليل هو ما حصلت الممازجة المذكورة ، والظاهر أنّ الطهارة بها إجماعيّة ، والظاهر أنّ من يكتفي بالاتصال في التطهير بالجاري يكتفي هنا أيضاً إذا جرى.
وأما ما نقله الشهيد الثاني عن بعض معاصريه من أنّه يكفي في تطهير الماء النجس وقوع قطرة واحدة (١) فهو في غاية البعد.
والأظهر أنّ الماء القليل المجتمع من المطر يتقوّى بالمطرحين النزول (٢) ، للعمومات ، وخصوصاً صحيحة عليّ بن جعفر المتقدّمة ، وكذلك الأخبار الدالّة على طهارة ما يكفّ من السطح النجس ، سيّما إذا كان كنيفاً وموضعاً للعذرة ، ويظهر من بعض الأخبار حصولها فيه (٣) ، فإنّه يجتمع في السطح غالباً ، ثم يكفّ.
وأما القليل المجتمع من غير المطر فهل يتقوّى بالمطر؟ فيه وجهان ، أظهرهما نعم (٤) ، لمنع شمول ما يدلّ على نجاسة القليل لذلك ، مع أنّه حال النزول فيه قليل من المطر مع شيء زائد من الماء ، فيصير بذلك أقوى.
ولكن مقتضى هذا الدليل اعتبار النجاسة بمقدار ماء المطر ، فلو فرض التغيّر لو انحصر في المطر لصار نجساً (٥) ، والحاصل أنّ الأصل والاستصحاب والعمومات تقتضي الطهارة ، ولم يظهر مخصص له.
__________________
(١) روض الجنان : ١٣٩ ، والظاهر هو السيد حسن ابن السيد جعفر أُستاذ الشهيد.
(٢) خلاف الأظهر ما ذكره صاحب المعالم حيث يخصّه بالماء القليل (منه رحمهالله) ، أقول : الموجود في المعالم : ١٢٢ ، هو حكايته عن بعض الأصحاب.
(٣) انظر الوسائل ١ : ١٠٨ أبواب الماء المطلق ب ٦ ح ٢ ، ٥ ، ٧.
(٤) خلاف الأظهر ما ذكره صاحب المعالم حيث أراد بالماء القليل (منه رحمهالله).
(٥) أي : وإن لم يكن متغيّراً بالفعل نتيجة لتقوّيه بالماء القليل الذي كان من السابق ، يعني يقدّر أنّه لو كان ماء المطر وحده وكانت فيه تلك النجاسة هل يتغيّر أم لا؟