السيد في المسائل الناصريّة على الثاني (١) ، وفاقاً للشافعي (٢) ، وقال هذه المسألة : لا أعرف فيها نصّاً لأصحابنا ، ولا قولاً صريحاً ، والشافعي يفرّق بين ورود الماء على النجاسة وورودها عليه. واستدل عليه بأنّه لولاه لم يمكن التطهير بالقليل ، وقد مرّت الإشارة إلى جوابه.
ومال إلى هذا الفرق صاحب المدارك ، مدّعياً أنّ الأخبار في نجاسة القليل إنّما وردت فيما وردت النجاسة على الماء (٣) ، وقد أشرنا سابقاً إلى أنّه ليس كذلك ، وقد عرفت الأخبار.
الثاني : حكم الشيخ بعدم نجاسة القليل بما لا يمكن التحرّز منه مثل رؤس الإبر من الدم وغيره ، فإنّه معفوّ عنه (٤) وخصّه في الاستبصار بمثل رؤس الإبر من الدم (٥) والمشهور خلافه ، وهو الأقوى.
احتجّ الشيخ بصحيحة عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهالسلام ، قال : سألته عن رجل رعف فامتخط فصار ذلك الدم قطعاً صغاراً فأصاب إناءه ، هل يصلح الوضوء منه؟ قال : «إن لم يكن شيء يستبين في الماء فلا بأس ، فإن كان شيئاً بيّناً فلا تتوضّأ منه» (٦).
وجوابه : أنّ الظاهر منه أنّه من جهة أنّه لم يحصل العلم بوصوله إلى الماء ، ولا يضرّ الشك ، لا أنّه لا بأس به إذا وصل إلى الماء. «وكان» في المقامين ناقصة «وشيء» اسمها ، و «يستبين» خبرها ، وضمير كان الثانية يعود إلى الشيء الحاصل
__________________
(١) المسائل الناصريّة (الجوامع الفقهيّة) : ١٧٩.
(٢) الام ١ : ٥.
(٣) مدارك الأحكام ١ : ٤٠.
(٤) المبسوط ١ : ٧.
(٥) الاستبصار ١ : ٢٣.
(٦) الكافي ٣ : ٧٤ ح ١٦ ، التهذيب ١ : ٤١٢ ح ١٢٩٩ ، الاستبصار ١ : ٢٣ ح ٥٧ ، الوسائل ١ : ١١٢ أبواب الماء المطلق ب ٨ ح ١.