سؤر الحيوانات ، سيّما الهرّة ، مع أنّ الغالب في الهرّة أنّها تأكل الميتة (١).
ويمكن القدح فيها : بأنّ التأمّل فيها يقتضي أنّ عدم المنع ونفي البأس إنّما هو من جهة كونه سؤراً لها.
وموثّقة عمار ، عن الصادق عليهالسلام ، قال : سئل عما يشرب منه باز أو صقر أو عُقاب فقال : «كلّ شيء من الطير يتوضّأ مما يشرب منه إلّا أن ترى في منقاره دماً ، فإن رأيت في منقاره دماً فلا تتوضّأ ولا تشرب» (٢) وزاد الشيخ : وسئل عما شربت منه الدجاجة ، فقال : «إن كان في منقارها قذر لم يتوضّأ منه ولم يشرب ، وإن لم تعلم في منقارها قذراً فتوضّأ واشرب» (٣).
وذهب العلامة في النهاية إلى اعتبار الغيبة في الهرّة واحتمال ولوغها في الجاري أو الكر (٤) ، وحاصله يرجع إلى تعارض الاستصحابين ، فالاعتماد على استصحاب طهارة الملاقي ، لا ثبوت الطهارة للهرة ، وهو بعيد للزوم الحرج الشديد.
والظاهر أنّ تلك الأخبار مع الإجماع المنقول وعمل الأصحاب كافية في إثبات الطهارة.
وأما الآدمي فتشترط الغيبة بمقدار إمكان التطهير فيه قطعاً ، ولكن اشترط بعضهم علمه بالنجاسة وأهليّته للإزالة (٥) ، وزاد بعضهم تلبّسه بما يشترط بالطهارة أيضاً.
والحقّ أن يقال : إن أُريد الحكم بطهارة الإنسان فيشترط فيه التلبّس بالمذكور ، وإن أُريد عدم نجاسة الملاقي فهو يثبت بمجرّد حصول احتمال الطهارة له على
__________________
(١) الخلاف ١ : ٢٠٣ مسألة ١٦٧ ، ونقل الخلاف عن بعض أصحاب الشافعي. وانظر المجموع ١ : ١٧٠ ، وأما روايات سؤر الهرّة فهي في الوسائل ١ : ١٦٤ أبواب الأسآر ب ٢.
(٢) الكافي ٣ : ٩ ح ٥ ، التهذيب ١ : ٢٢٨ ح ٦٦٠ ، الاستبصار ١ : ٢٥ ح ٦٤ ، الوسائل ١ : ١٦٦ أبواب الأسآر ب ٤ ح ٢.
(٣) التهذيب ١ : ٢٨٤ ح ٨٣٢ ، الاستبصار ١ : ٢٥ ح ٦٤ ، الوسائل ١ : ١٦٦ أبواب الأسآر ب ٤ ح ٣.
(٤) نهاية الأحكام ١ : ٢٣٩.
(٥) المقاصد العليّة : ٩٠.