والمراد بالتغيّر : هو الحسّي على المشهور ، واعتبار (١) العلامة للتقديري (٢) ضعيف.
لنا (٣) : التبادر من الأدلّة ، فلا يضرّ الشك في التغيّر ، كما لو كان الماء متغيّراً بطاهر محتملاً للتغيّر لو لم يكن التغيّر (٤) ؛ ولا كون النجاسة مسلوبة الصفات بمقدارٍ لو كان متّصفاً بها لغيّرها ، إلّا أن يسلبه الإطلاق.
وأما ما شك في الإطلاق فيقع الإشكال ، لتعارض الاستصحابين ، والأظهر أن يقال حينئذٍ بوجوب الاجتناب في المشروط بالطهارة ، وعدم تنجّس الملاقي ، كالشبهة المحصورة.
ويمكن توجيه قول العلامة بأنّ المراد من قوله عليهالسلام : «إلّا ما غيّر لونه» إلّا مقدار من النجاسة يغيّر الماء ، والقيد وارد مورد الغالب من كون النجاسة ذات وصف مغيّر ، وفاقد الوصف يحمل على واجده.
وإن أراد ولده رحمهالله من استدلاله على مذهبه بأنّ الماء مقهور بالنجاسة ، لأنّه كلّما لم يصر مقهوراً لم يتغيّر بها على تقدير المخالفة ، وينعكس بعكس النقيض إلى قولنا : «كلّما تغيّر على تقدير المخالفة كان مقهوراً» (٥) نظير ما ذكرنا فله وجه ، لكن الكلام في ظهور إرادة المقدار من الأدلّة ، وهو في محل المنع ، بل الظاهر منها هو المغيّر بالفعل ، وإلا فكلّيّة الأُولى ممنوعة.
ولو فرض تسليم اعتبار التقديري ، فإنّما يصح في غير مثل الجيفة في الماء ، بل مطلق الريح ، إلّا في مثل البول الممزوج بالماء كما ذكره بعضهم.
__________________
(١) في «م» : اعتماد ، وفي «ز» : اعتباط.
(٢) نهاية الأحكام ١ : ٢٣٣ ، القواعد ١ : ١٨٣ ، المنتهي ١ : ٤٢.
(٣) في «ح» : وأما.
(٤) يريد أنّه لو كان الماء متغيّراً بطاهر كالزعفران واحتمل وجود التغيّر بالنجاسة بحيث يطهر لو لم يكن التغيّر بالزعفران فإنه لا يضرّ هذا الاحتمال وهذا الشك في التغير.
(٥) إيضاح الفوائد ١ : ١٦.