لضرورة ، وفي الضرورة يعتبر الجفاف (١).
والظاهر أنّ مرادهم بالضرورة مثل انقطاع الماء في البين ، أو حصول النسيان ، أو غير ذلك.
ثم صريح بعض هؤلاء أنّ تركها بهذا المعنى بلا ضرورة حرام لا مُبطل (٢) ، وظاهر بعضهم أنّه مُبطل وإن لم يحصل الجفاف في غير الضرورة ، وأما فيها فيُراعى الجفاف (٣).
وكيف كان فظاهرهم الاتفاق على أنّ الجفاف مخلّ بالموالاة ، مبطل للوضوء. وخلافهم في اعتبار الأزيد من ذلك ، وهو التتابع وعدم التفريق.
نعم يظهر من الصدوقين : أنّ إخلال الجفاف بالموالاة إنّما هو إذا لم تحصل الموالاة بالمعنى الثاني ، بل المبطل إنّما هو الجفاف الحاصل من التفريق (٤). واختاره صاحب المدارك (٥) وشارح الدروس (٦).
ويظهر من ذلك أنّ الإجماع المدّعى في كلامهم على اعتبار الجفاف إنّما هو فيما حصل من جهة التفريق ، ولا تفيد عباراتهم في بيان مراعاة الجفاف أيضاً أزيد من ذلك ، كما أنّ الأخبار الدالّة على مراعاة الجفاف أيضاً لا يستفاد منها أزيد من ذلك.
__________________
(١) المفيد في المقنعة : ٤٧ ، وممن فسّرها بذلك الشيخ في النهاية : ١٥ ، والتهذيب ١ : ١٠٣ ، والمبسوط ١ : ٢٣ ، والخلاف ١ : ٩٣ ، والراوندي في فقه القرآن ١ : ٢٩ ، والمحقّق في المعتبر ١ : ١٥٦ ، والعلامة في المختلف ١ : ٢٩٩ وباقي كتبه.
(٢) كالمحقّق في المعتبر ١ : ١٥٧.
(٣) كالشيخ في المبسوط ١ : ٢٣. فإنّه قال : الموالاة واجبة في الوضوء ، وهي أن يتابع بين الأعضاء مع الاختيار فإن خالف لم يجزئه.
(٤) نقله عن عليّ بن بابويه في الفقيه ١ : ٣٥ ، والمختلف ١ : ٢٩٩ ، واختاره الصدوق في المقنع (الجوامع الفقهيّة) : ٣.
(٥) المدارك ١ : ٢٣٠.
(٦) مشارق الشموس : ١١٧.