ويمكن دفعه بأن يقال : يكفي الورود أوّلاً ، وأنّ الأصل طهارة الماء ، خرج ما ثبتت فيه النجاسة مما دلّت الأخبار عليه من ورود النجاسة على الماء ، وبقي الباقي. إلّا أنّ الأصل نجاسة الماء القليل بملاقاة النجاسة إلّا فيما ورد الماء على النجاسة ، فتبقى حكاية مثل التحريك في الانية المشكوك فيه تحت أصل الطهارة.
وكيف كان فلا ريب أنّ الأحوط مختار السيد.
وقد يخترع تفريعاً على الأصل الفاسد من عدم تنجيس المتنجّس على القول بنجاسة الماء القليل القول بوجوب الغسل مرّتين في جميع النجاسات ، أحدهما : لزوال العين ، فتكون الغُسالة كالمحلّ متنجّسة ، والثاني : للتطيهر ، فيكونان طاهرين.
وهو مع فساد الأصل وعدم ذهاب أحد من الأصحاب إلى الفرق بين بقاء العين وعدمها في كيفيّة الغسل أنّه مبني على استلزام القول بنجاسة القليل بالملاقاة عدم التطهير ، وقد عرفت خلافه.
ثم إنّه قد ظهر مما ذكرنا أنّ الأظهر طهارة الغُسالة مطلقاً ، سيّما إذا ورد الماء على النجاسة ، للأصل ، والعمومات ، وخصوص صحيحة ابن مسلم في حكاية المركن ، فإنّ ظاهرها يعطي طهارة الغُسالة.
وتنزيلها على القول بنجاسة الغُسالة بعد الانفصال عن المحلّ أو الانية المغسول فيها بعيد ، كأصل المنزّل عليه ، لاستلزامه انفكاك المعلول عن علّته التامة كما قيل ، وعدم دلالة الأخبار بنجاسة الماء القليل عليه (١) ، وضعف ما سنذكره في دليل النجاسة ، وهو ظاهر الشهيدين (٢) ، والمنقول عن الشيخ عليّ في بعض أقواله (٣) ، وربّما نسب إلى جماعة من متقدّمي الأصحاب (٤) ، واختاره
__________________
(١) كذا ، والأنسب الأخبار الدالّة على نجاسة الماء القليل عليه.
(٢) الشهيد الأوّل في الذكرى : ٩ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ١٥٩.
(٣) كما في المعالم : ١٢٣ ، ومفتاح الكرامة ١ : ٩٠.
(٤) نسبه إلى الشيخ وابن إدريس في جامع المقاصد ١ : ١٢٨ ، وانظر مفتاح الكرامة ١ : ٩٠.