وإن باين كليهما فصرح جماعة بنجاسته ، لنجاسة أصلية (١) ، واستشكله بعضهم (٢) ، والطهارة قويّة ، للأصل. ونجاسة الأصلين لم يثبت كونها علة لنجاسة الفرع ، فإنّ كونه جزءاً منهما لا يوجب النجاسة ، لاستحالته ، كما أنّ المني يستحيل حيواناً طاهراً.
وإن تولّد بين أحدهما وحيوان طاهر ، فإن شارك النجس في الاسم فنجس ، وإن وافق الطاهر فطاهر ، وإن باينهما ففيه الإشكال السابق ، وهنا أضعف.
الثالث : ظاهر أكثر الأصحاب تبعيّة ولد الكافرين لهما (٣) ، ويظهر من بعضهم وجود الخلاف في ذلك (٤).
ولعلّ وجهه : أنّ الأصل الطهارة ، وتبعيّة ولد الحيوان لأصله مطلقاً غير مسلّم كما بيّنا ، وإنّما هو من جهة الاسم ، والصبي قبل البلوغ لا يسمّى كافراً ، وإنّما ذلك وصف عرضيّ ، فإن كان إجماع ، وإلّا فالحكم مشكل.
وأما إذا سباه مسلم ، فعن بعض الأصحاب : أنّ ظاهر الأصحاب عدم الخلاف بينهم في طهارته والحال هذه ، وإنّما اختلفوا في تبعيّته للمسلم في الإسلام ، بمعنى ثبوت أحكام المسلم له ، فإن ثبت الإجماع فهو ، وإلّا ففيه إشكال ، للاستصحاب (٥).
نعم لما كان أصل الحكم محلّ إشكال ، فالطهارة حينئذٍ أقوى ، لأنّ الإجماع المتوهم لو ثبت في الأصل فإنّما هو ما دام عند والديه ، واستصحاب حال الإجماع فيه ما فيه ، هذا.
ولكن الشهيد قال في الذكرى : ولد الكافرين نجس ، ولو سباه مسلم وقلنا
__________________
(١) كالشهيد الأوّل في الذكرى : ١٤ ، والبيان : ٩١ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٢٢ ، والروضة البهيّة ١ : ٢٨٥.
(٢) كصاحب المدارك ٢ : ٢٨٦.
(٣) كالعلامة في التذكرة ١ : ٦٨ ، وفخر المحقّقين في الإيضاح ١ : ٣٦٤ ، والشهيد الأوّل في الذكرى : ١٤.
(٤) يشعر بوجود الخلاف كلام العلامة في النهاية ١ : ٢٧٤ ، وخالف صاحب المدارك ٢ : ٢٨٩.
(٥) المعالم : ٢٦٠.