فالمراد من حرمة اعتقاد المشروعيّة في المبدعات : حرمة اعتقاد مشروعيّة (١) ما لم يقم عليه دليل معتمد ، سواء كان من محض الاشتهاء ، أو من الاجتهاد المنبعث عن الدليل الباطل ، كالقياس والاستحسان.
فإذا اتفق اعتقاد مجتهد منّا لاستحبابه ، فإنّما هو من جهة دليل معتمد عنده ؛ وإن كان خطأ في الواقع ، ولا يضرّ ذلك ، وليس ببدعة ، وتكون مثل هذه الرواية الدالّة على كونه بدعة معارضةً لدليله ؛ مثل سائر الأخبار المتعارضة المتناقضة. فالذي نقول بكونه بدعة إنّما هو إذا لم يثبت لهذه الرواية معارض وكان العمل على مقتضاه.
وبالجملة المقصود في الرواية التنبيه على ضلالة من أبدعها ، وضلالة من اتبعها من تلك الجهة ، لا مطلقاً.
فحينئذٍ نقول : لما لم يقم دليل على مشروعيّتها أصلاً ، فنحرمها.
وأما من لا يقول بالحرمة فلعلّ مراده من دون جهة اعتقاد المشروعيّة ، ودليله الأصل ، ورواية زرارة : «إنّ الوضوء مثنى مثنى ، ومن زاد لم يؤجر عليه» (٢) وعدم الأجر عليه لا يدلّ على انتفاء الحرمة ، والأصل لا يفيد جواز العبادة ، إلّا أن يكون مراده إثبات الإباحة لا الاستحباب ، وحينئذٍ يرجع الكلام معه إلى جواز المسح بهذا الماء وعدمه.
وربّما يستشكل بمنافاته للموالاة أيضاً. ولكنه ليس بذاك لما عرفت.
وأما المسح بذلك الماء ، فعلى ما ذكرنا من كون أصل الفعل بدعة وحراماً ، فالظاهر بطلان أصل الوضوء ، فكيف إذا مسح بذلك الماء أيضاً ، مع أنّه ليس بماء
__________________
(١) في «م» ، «ح» : مشروعيّته.
(٢) التهذيب ١ : ٨٠ ح ٢١٠ ، الاستبصار ١ : ٧٠ ح ٢١٥ ، الوسائل ١ : ٣٠٧ أبواب الوضوء ب ٣١ ح ٥ وعبّر عنها بالرواية إشارة إلى ضعفها ، ففيها القاسم بن عروة ، وهو لم يوثّق وطرق الشيخ إليه ضعيفة. انظر معجم رجال الحديث ١٤ : ٩٥١٩ / ٢٦.