وأما لو تقدّم الدم أو تأخّر بيوم أو يومين أو أكثر فظاهر الأكثرين أيضاً الحكم بالتحيّض ، ويدلّ عليه ما تقدّم من العمومات ، مضافاً إلى موثّقة سماعة وما في معناها المصرّحة بذلك (١) ، ويظهر من الشهيدين أيضاً الخلاف كما تقدّم (٢).
ثم إنّ ذات العادة الوقتيّة فقط إنّما تكون مستقرة الحكم بالنظر إلى الأوّل.
وأما بالنظر إلى الأخر فقيل : إنّها مضطربة العدد (٣) ، وقيل بالأخذ بالأقلّ لتكرّره (٤) ، والأوّل أرجح في النظر.
وأما المبتدأة ، ففي استظهارها ثلاثة أيّام ثم التحيّض ، أو التحيّض أوّلاً ، قولان ، أقواهما الأوّل ، لاستصحاب الطهارة ، وعدم حصول التكاليف الحيضيّة ، وعدم تخصيص العمومات التكليفيّة الظاهرة الشمول لها.
والقاعدة المتقدّمة المجمع عليها غير منطبقة عليه ، لأنّ المدّعى عليه الإجماع هو ما يمكن أن يحكم عليه بالفعل أنّه حيض ، لا ما يمكن أن يكون في نفس الأمر حيضاً ، وهو لا يتحقّق إلّا بمضيّ الثلاثة مع سائر شرائطها.
وكلّ ما استدلّ به في المدارك والذخيرة وغيرهما من الأخبار على القول الثاني فهي غير واضحة الدلالة (٥) ، وأقواها حسنة الحفص بن البختري المعتبرة للوصف (٦) ، وهي في مستمرّة الدم ، ولا عموم فيها يشمل ما نحن فيه. ومحلّ
__________________
(١) الكافي ٣ : ٧٧ ح ٢ ، التهذيب ١ : ١٥٨ ح ٤٥٣ ، الوسائل ٢ : ٥٥٦ أبواب الحيض ب ١٣ ح ١. إذا رأت الدم قبل وقت حيضها فلتدع الصلاة فإنّه ربما تعجّل بها الوقت.
(٢) الشهيد الأوّل في الذكرى : ٢٩ ، الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٦٠.
(٣) جامع المقاصد ١ : ٣٧.
(٤) كما في منتهى المطلب ٢ : ٣١٥ ، والذكرى : ٢٨.
(٥) انظر المدارك ١ : ٣٢٩ ، ذخيرة المعاد : ٦٤.
(٦) قال : دخلت على أبي عبد الله امرأة فسألته عن المرأة يستمرّ بها الدم .. فقال : فإذا كان للدم حرارة ودفع فلتدع الصلاة الكافي ٣ : ٩١ ح ١ ، التهذيب ١ : ١٥١ ح ٤٢٩ ، الوسائل ٢ : ٥٣٧ أبواب الحيض ب ٣ ح ٢ ، وهي حسنة بإبراهيم بن هاشم.