والباقي له محمل ظاهر ، فمنها موثّقة حنان قال : سمعت رجلاً سأل أبا عبد الله عليهالسلام فقال : إنّي ربّما بلت فلا أقدر على الماء ، ويشتدّ ذلك عليّ ، فقال : «إذا بلت وتمسحت فامسح ذكرك بريقك ، وإن وجدت شيئاً فقل هذا من ذلك» (١) وهو على الخلاف أدلّ كما لا يخفى ، وسائر الأخبار متقاربة المعنى.
وهذه الأخبار مع هجرها ومتروكيتها عند الأصحاب لا تقاوم ما ذكرنا.
ويدلّ على ما ذكرنا أيضاً مضافاً إلى ما تقدّم : موثّقة ابن بكير ، عن الصادق عليهالسلام : الرجل يبول فلا يكون عنده الماء ، فيمسح ذكره بالحائط ، قال : «كلّ شيء يابس زكي» (٢) ومفهومه يقتضي أنّه إذا صار رطباً ينجس.
الخامس : ذهب جماعة منهم السيد إلى اشتراط ورود الماء على النجاسة في التطهير وإلّا لنجس الماء ولم يفد الطهارة للمحلّ (٣). وذلك مبني على ما ذهب إليه من عدم نجاسة القليل إذا ورد على النجاسة.
وتبعه بعض المتأخّرين (٤) ، زعماً منه أنّ كلّ ما ورد في نجاسة القليل إنّما هو فيما وردت النجاسة على الماء ، فيبقى غيره تحت أصل الطهارة.
وهو باطل كما سيجيء ، بل في الأخبار ما يدلّ على الأعمّ من ذلك وعلى النجاسة فيما يرد الماء على النجاسة أيضاً ، كما يظهر من رواية استسقاء غلام أبي عبد الله عليهالسلام ، وخروج الفأرة في الدلو (٥) ، وحديث خروج الخنزير من
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٠ ح ٤ ، الفقيه ١ : ٤١ ح ١٦٠ ، التهذيب ١ : ٣٥٣ ح ١٠٥٠ ، الوسائل ١ : ٢٠١ أبواب نواقض الوضوء ب ١٣ ح ٧.
(٢) التهذيب ١ : ٤٩ ح ١٤١ ، الاستبصار ١ : ٥٧ ح ١٦٧ ، الوسائل ١ : ٢٤٨ أبواب أحكام الخلوة ب ٣١ ح ٥.
(٣) المسائل الناصريّة (الجوامع الفقهيّة) : ١٧٩.
(٤) مدارك الأحكام ١ : ١٢٢.
(٥) الوسائل ١ : ١١٦ أبواب الماء المطلق ب ٨ ح ١٥.