والحاصل أنّ تلك الأخبار مع اعتضادها بالإجماعين المنقولين وعمل الأصحاب واستصحاب الحالة السابقة كافية وافية ، وستجيء موثّقة سماعة في تذكية السباع أيضاً ، فلا وجه لتأمّل جماعة من متأخّري المتأخّرين في هذا الحكم (١).
والمخالف في المسألة ابن الجنيد والشلمغاني في غير الصلاة (٢) ، لرواية حسين بن زرارة (٣) ، ورواية سماعة في جلد الميتة المملوح فرخّص فيه وقال : «إن لم تمسّه فهو أفضل» (٤) والروايتان مع ضعفهما محمولتان على التقيّة.
وأما ما رواه الصدوق مرسلاً في أوائل الفقيه ، الشامل لغير المدبوغ أيضاً (٥) ، فالاعتماد على ظاهره أضعف مما تقدّم.
ثم إنّ ابن الجنيد خصّ الكلام بما كان الدباغ بالطاهر (٦). ووجهه غير معلوم ، وتشعر به رواية ضعيفة (٧).
الخامس : استثنى الأصحاب من الميتة ما لا تحلّه الحياة والظاهر أنّ حكم المبانة من الحيّ أيضاً كذلك ، وهي : الصوف ، والشعر ، والريش ، والوبر ، والعظم والقرن ، والظلف ، والحافر ، والبيض ، والإنفحة واختلفوا في اللبن.
__________________
(١) كصاحب المدارك ٢ : ٣٨٧ ، وصاحب الذخيرة : ١٧٦.
(٢) نقله عنهما في المختلف ١ : ٥٠١ ، والذكرى : ١٦.
(٣) التهذيب ٩ : ٧٨ ح ٢٣٢ ، الاستبصار ٤ : ٩٠ ح ٣٤٣ ، الوسائل ١٦ : ٤٥٣ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٣٤ ح ٧. والرواية ضعيفة لأنّ راويها مهمل.
(٤) التهذيب ٩ : ٧٨ ح ٣٣٣ ، الاستبصار ٤ : ٩٠ ح ٣٤٤ ، الوسائل ١٦ : ٤٥٤ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٣٤ ح ٨.
(٥) الفقيه ١ : ٩ ح ١٥ ، الوسائل ٢ : ١٠٥١ أبواب النجاسات ب ٣٤ ح ٥.
(٦) نقله عنه في المختلف ١ : ٥٠١.
(٧) وهي رواية السيّاري عن أبي يزيد القسمي عن الرضا (ع) عن جلود الدارش التي يتخذ منها الخفاف قال : لا تصلِ فيها فإنّها تدبغ بخرء الكلاب. الكافي ٣ : ٤٠٣ ح ٢٥ ، التهذيب ٢ : ٣٧٣ ح ١٥٥٢ ، علل الشرائع : ٣٤٤ ، الوسائل ٢ : ١٠٩١ أبواب النجاسات ب ٧١ ح ١.