وأما الثاني (١) : فيختار المكلّف أيّ فرد شاء ، ويعلم التفصيل مما مر.
وأما الثالث (٢) : فإن قصد المعنى الشرعي فهو ، وإلّا فيُبنى على عرف المتشرعة. فعلى القول باشتراكه لفظاً أو معنىً متواطئاً فالتخيير ، وعلى القول بالحقيقة والمجاز فالمائيّة ، وعلى القول بالتشكيك فاحتمالان : بالنظر إلى أصل البراءة واستصحاب اشتغال الذمة. والأقوى التخيير أيضاً ، كما أنّ الأقوى التشكيك.
ولو قلنا باشتراكه بينها وبين الطهارة عن الخبث ، فحيث لم تثبت قرينة ، فالتخيير أيضاً.
الخامس : يستحبّ لما تستحبّ له المائيّة لعموم البدليّة المستفادة من صحيحة حماد : عن الرجل لا يجد الماء ، أيتيمّم لكلّ صلاة؟ قال : «لا ، هو بمنزلة الماء» (٣) ورواية أبي ذر : «يكفيك الصعيد عشر سنين» (٤).
وخصّه جماعة بما لو كان المبدل رافعاً (٥) ، وزاد بعضهم التيمّم بدلاً عن الوضوء لذكر الحائض (٦) ، واستشكل بعض المتأخرين في الرافعات أيضاً (٧). ويظهر وجه الأخير وجوابه مما قدّمناه.
والقول بالتفصيل ناظر إلى أنّ كون (٨) التيمّم أحد الطهورين ، وكون التراب طهوراً ، إنّما يقتضي بدليته عن الطهور ، والطهور حقيقة في الرافع كما أشرنا إليه.
__________________
(١) وهو أن يتعلّق النذر بالطهارة ويريد أحد أفرادها.
(٢) وهو أن ينذر الطهارة من دون قصد فرد.
(٣) التهذيب ١ : ٢٠٠ ح ٥٨١ ، الاستبصار ١ : ١٦٣ ح ٥٦٦ ، الوسائل ٢ : ٩٩٠ أبواب التيمّم ب ٢٠ ح ٣.
(٤) الفقيه ١ : ٥٩ ح ٢٢١ ، التهذيب ١ : ١٩٤ ح ٥٦١ ، الوسائل ٢ : ٩٩٥ أبواب التيمّم ب ٢٣ ح ٤.
(٥) روض الجنان : ٢٠.
(٦) جامع المقاصد ١ : ٧٩.
(٧) مدارك الأحكام ١ : ٢٤.
(٨) في «م» ، «ز» : يكون.