ويدلّ على نجاسة غير الكتابي مضافاً إلى الإجماع المستفيض ، قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) (١) فإنّ الظاهر ثبوت الحقيقة الشرعيّة ، ويؤيّده النهي عن قرب المسجد ، سيّما مع ملاحظة قوله عليهالسلام : «جنّبوا مساجدكم النجاسة» (٢).
وحمل المصدر على باب المبالغة أولى وأظهر من تقدير المضاف ، أي : ذو نجاسة خارجيّة من جهة عدم توقّيهم من الخمر والمني وغيرهما ، سيّما مع ملاحظة الحصر ، وقد يستدلّ بقوله تعالى (كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (٣) وهو ضعيف ، والظاهر أنّ المراد به الشكّ أو العذاب والغضب.
وأما اليهود والنصارى والمجوس ، فالمعروف من المذهب نجاستهم ، كما أنّ المعروف من المخالفين طهارتهم.
وعدّ نجاستهم في الانتصار مما انفردت به الإماميّة (٤) ، وادّعى عليه الإجماع غير واحد من الأصحاب (٥) وعن ابن الجنيد وابن أبي عقيل القول بطهارتهم (٦).
لنا : الآية المتقدّمة ، فإنّهم مشركون. أما النصارى فلقولهم بالأقانيم ، قال الله تعالى (وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) (٧) وأيضاً بإله له ابن هو المسيح ، وليس هو الله في الواقع ، فأخذوا له شريكاً. وكذلك اليهود ، حيث قالوا بأنّ عزير ابن الله.
__________________
(١) التوبة : ٢٨.
(٢) الوسائل ٣ : ٥٠٤ أبواب أحكام المساجد ب ٢٤ ح ٢.
(٣) الأنعام : ١٢٥.
(٤) الانتصار : ١٠.
(٥) كابن زهرة في الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٥١ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ٧٣.
(٦) نقله في المعتبر ١ : ٩٦.
(٧) النساء : ١٧١.