التاسع : المعروف من مذهب الأصحاب بحيث لا يعرف خلاف بينهم أنّ الأرض تطهّر باطن الخفّ والنعل والقدم ويظهر من العلامة في بعض كتبه استشكال في القدم (١) ، ولا وجه له ، لدلالة الأخبار عليه.
والأصل في هذا الحكم الصحاح المستفيضة وغيرها ، ومنها روايتا محمّد الحلبي المتقدّمتان في وجوب إزالة النجاسة عن المساجد (٢).
وحسنة المعلّى بن خنيس قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الخنزير يخرج من الماء فيمر على الطريق فيسيل منه الماء أمرّ عليه حافياً ، فقال : «أليس وراءه شيء جاف؟» قلت : بلى ، فقال : «لا بأس ، إنّ الأرض يطهّر بعضها بعضاً» (٣) وهذه العبارة واردة في حسنة محمّد بن مسلم المرويّة في الكافي أيضاً (٤).
والأظهر في تفسيرها أنّ المراد بالبعض الأخير : هو الأجزاء المخلوطة بالنجاسة منها ، والمراد من تطهيرها : تطهير محلّها ، كما في قولك : «الماء يطهر البول» فمراد الإمام عليهالسلام بيان طهارة الرجل والخفّ وغيرهما مما لاقى النجاسة ولصقت بها النجاسة المخلوطة بأجزاء الأرض ، لا تطهير نفس تلك الأجزاء الصغار ، كما فهمه بعضهم ، وقال : إنّ الإزالة والإحالة والتجفيف بالوطء عليها مرّة بعد اخرى ، وانتقال بعضها إلى بعض يوجب تطهير ذلك البعض (٥).
وهو مشكل ، لأنّ إرادة تطهير الأجزاء الأرضيّة دون الرجل والخفّ ونحوهما غير ظاهر من الأخبار ، سيّما من غير حسنة محمّد بن مسلم ، بل إنّما سيقت لأجل ذلك ،
__________________
(١) التحرير ١ : ٢٥ ، المنتهي ٢ : ٢٨٥.
(٢) الكافي ٣ : ٣٨ ح ٣ ، مستطرفات السرائر ٣ : ٥٥٥ ، الوسائل ٢ : ١٠٤٧ أبواب النجاسات ب ٣٢ ح ٤ ، ٩.
(٣) الكافي ٣ : ٣٩ ح ٥ ، الوسائل ٢ : ١٠٤٧ أبواب النجاسات ب ٣٢ ح ٣.
(٤) الكافي ٣ : ٣٨ ح ٢ ، الوسائل ٢ : ١٠٤٧ أبواب النجاسات ب ٣٢ ح ٢.
(٥) المفاتيح ١ : ٧٩ ، الوافي ٦ : ٢٢٥ ، الحبل المتين : ١٢٧.