وإرادة كليهما معاً يوجب إرادة المعنيين : الحقيقي والمجازي ، وهو خلاف التحقيق.
والحاصل : أنّ الظاهر من الكلام : هو أنّ الأرض تزيل حكم نجاسة الرجل وأخويها الحاصلة بسبب الأجزاء المتنجّسة منها ، كما أنّ الحجر والخرق يذهب حكم النجاسة من العجان ، كما يشير إليه صحيحي زرارة (١) ، فيشكل استفادة تطهير تلك الأجزاء بذلك ، إلّا أنّ استهلاكها في الأرض وعدم تميّزها يلحق مواضع الأقدام بالمشتبه بالنجس ، ولا يحكم بنجاسة ملاقيه ، لعدم تميّزها ، لا لحصول الطهارة بها. فحينئذٍ يشكل جواز السجود عليها والتيمّم بها.
وأما حسنة محمّد بن مسلم فلا ارتباط لهذا الكلام فيها بما قبله ، ولعلّها سقط منها شيء يوجب إفادة ذلك.
ثم إنّ الظاهر كفاية المسح ، ولا يحتاج إلى المشي. والتحديد بمشي خمسة عشر ذراعاً موافقاً لصحيحة الأحول لا وجه له ، لما في صحيحة زرارة : «ولكنه يمسحهما حتّى يذهب أثرها».
وفي صحيحة أُخرى : «يجوز أن يمسح رجليه ولا يغسلهما» (٢) مع أنّه ذكر في صحيحة الأحول بعد ذلك : «أو نحو ذلك» (٣) ، فالمراد بيان ما يزيل غالباً.
وظاهرهم عدم اشتراط الجفاف قبل الدلك ، بل الظاهر من الأخبار هو ما كانت رطبة ، واستفادة حكم اليابس مشكل ، وصحيحة زرارة وإن كانت مطلقة إلّا أنّها
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٦ ح ١٢٩ ، الوسائل ١ : ٢٤٦ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٠ ح ٣ ، قال : جرت السنّة في أثر الغائط بثلاثة أحجار أن يمسح العجان ولا يغسله ، ويجوز أن يمسح رجليه ولا يغسلهما ، والثاني في التهذيب ١ : ٢٧٥ ح ٨٠٩ ، الوسائل ٢ : ١٠٤٨ أبواب النجاسات ب ٣٢ ح ٧ قلت لأبي جعفر (ع) : رجل وطأ على عذرة فساخت رجله فيها ، أينقض ذلك وضوءه ، وهل يجب عليه غسلها؟ فقال : لا يغسلها إلّا أن يقذرها ، ولكنه يمسحها حتى يذهب أثرها ويصلّي.
(٢) تقدّمت الإشارة إليهما.
(٣) الكافي ٣ : ٣٨ ح ١ ، الوسائل ٢ : ١٠٤٦ أبواب النجاسات ب ٣٢ ح ١ ، قال في الرجل يطأ على الموضع الذي ليس بنظيف ثم يطأ بعده مكاناً نظيفاً فقال : لا بأس إذا كان خمسة عشر ذراعاً أو نحو ذلك.