على رجع الضمير إلى القرآن (١).
المبحث الثاني : لا وجوب للوضوء بنفسه ، إلّا من جهة نذرٍ وشبهه كما سيأتي.
وقيل بوجوب الطهارات أجمع بنفسها عند حصول أسبابها ، وجوباً موسّعاً لا يتضيّق إلّا بظنّ الموت (٢). والحقّ هو الأوّل ، فلا يتعلّق غرض بوجوبه إلّا تصحيح مشروطاته.
وهذا المعنى لا يقتضي توقّف الوجوب للغير على دخول وقت المشروط كما ظنّ ، بل مع ظنّ إدراكه الوقت صحيحاً سالماً يجب عليه الإتيان بمقدّماته وجوباً موسّعاً ولو قبل الوقت ، إلّا أن يقيّد بدليل كما في خصوص الوضوء والغسل للصلاة. ولذلك يجوز الاغتسال في أوّل الليل من شهر رمضان بنيّة الوجوب لصوم الغد مع ظنّ السلامة وإدراك الصوم كما سيجيء ، خلافاً للمشهور.
فتظهر الثمرة بين القولين حينئذٍ فيما لو حصل ظنّ الموت قبل الوقت ، فلا يجب على المختار ، بخلاف القول الأخر.
وأمّا تضيّق وقته بتضيّق المشروط ، فإنّما هو من جهة الوجوب الغيري الذي هو محلّ الوفاق ، فلا اختصاص له بأحد القولين.
وأمّا الثمرة في خصوص الوضوء والغسل فتحصل في عدم جواز نيّة الوجوب قبل الوقت على المختار ، لخصوص الدليل على عدم الوجوب قبل الوقت ، بخلاف القول الأخر.
لنا على ما اخترناه : الأصل ، والإجماع نقله جماعة ، منهم العلامة والمحقّق
__________________
(١) مجمع البيان ٥ : ٢٢٦.
(٢) نقل عن الراوندي في الذكرى : ٢٣ ، القول بوجوب الغسل لا بشرط ، وقال : وربّما قيل بطرد الخلاف في كلّ الطهارات ، لأنّ الحكمة ظاهرة في شرعيّتها مستقلّة.