في عدم وجوب غسله ، ودلالة الصحيحة عليه أيضاً.
وأنت خبير بأنّ وجوب غسل ما تشمله الإصبعان إجماعيّ ، مقطوع به في كلامهم ، ولم نقف على أحدٍ منهم صرّح بعدم وجوب غسل ما تشمله الإصبعان من الصدغ بهذا المعنى ، بل إما حكموا بعدم وجوب ما زاد على التحديد المذكور منه ، أو أرادوا من الصدغ معنى آخر مذكور في كتب اللغة ، قال في الصحاح : الصدغ ما بين العين والإذن ، ويُسمّى أيضاً الشعر المتدلّي عليه صدغاً ، يقال صدغ معقرب ، قال الشاعر :
عاضها الله غلاماً بعد ما |
|
شابت الأصداغ والضرس نَقد(١) |
انتهى. ومراد أصحابنا في نفي وجوب غسله هو بهذا المعنى ، فلاحظ كلماتهم مصرّحة بذلك. والمراد منه هو الشعر المتدلّي من فوق الاذن ، المتّصل بالعِذار ، وهو الشعر المحاذي للأُذن ، بينه وبين الاذن بياض ، وينتهي إلى العارض ، ولا ريب أنّه ممتدّ مع العِذار بامتداد واحد ، ولا تبلغه الإصبعان قطعاً إلّا في فرد نادرٍ إن وجد ، فلاحظ المنتهي والذكرى وشرح القواعد والمدارك (٢) وسائر الكتب تجد ما ذكرنا ، فإن شئت أذكر لك بعضها :
قال في المنتهي في تحديد الوجه : مذهب أهل البيت عليهمالسلام أنّه من قصاص الشعر إلى الذقن طولاً ، وما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضاً إلى أن قال وقال بعض الحنابلة : الصدغان من الوجه إلى أن قال لا يجب غسل ما خرج عمّا حدّدناه ولا يستحبّ كالعذار إلى أن قال ولا الصدغ ، وهو الشعر الذي بعد انتهاء العذار ، المحاذي لرأس الأذن ، وينزل عن رأسها قليلاً (٣).
ثم إنّهم رحمهمالله نزّلوا الصدغ المذكور في الصحيحة أيضاً على ذلك ،
__________________
(١) الصحاح ٤ : ١٣٢٣.
(٢) منتهى المطلب ٢ : ٢١ ، الذكرى : ٨٣ ، جامع المقاصد ١ : ٢١٣ ، مدارك الأحكام ١ : ١٩٨.
(٣) المنتهي ٢ : ٢١.