وأما لو لم تمكن الإعادة أيضاً لكثرة الحرّ أو الريح ، ولا إبقاء جزء من اليسرى وصبّ غرفة من الماء عليه في الأخر ليبقى الماء للمسح في يده ، فالمشهور جواز الماء الجديد حينئذٍ ، لأنّ ما لا يُدرك كلّه لا يُترك كلّه ، وللاستصحاب.
ومقتضى القواعد الانتقال إلى التيمّم ، لعدم التمكّن من الوضوء المطلوب ، وهو ما يكون مسحه ببلّة الوضوء ، إلّا أن يقال لم يثبت من أدلّة وجوب المسح ببلّة الوضوء إلّا حالة التمكّن ، لأنّ العمدة فيه الإجماع ، وهو غير معلوم فيما نحن فيه ، ولمنع صراحة الأخبار البيانيّة في الوجوب ، ولمنع دلالة الأُخر ، أو ضعفها مع عدم الجابر فيما نحن فيه ، فتبقى إطلاقات المسح بحالها ، فيجوز بالماء الجديد. وفيه أيضاً إشكال.
والأحوط التأخير إن رجا التمكّن ، أو الجمع بينه وبين التيمّم.
ولا بأس بكثرة الماء في المسح إذا سُمّي مسحاً في العُرف ، وقصد به المسح أيضاً. وما ورد في الخبر «أنّه يأتي على الرجل سبعون سنة ولا تُقبل منه صلاة ، لأنّه يغسل ما أمرَ الله بمسحه» (١) فهو ردّ على العامّة. وبالجملة يصدق الامتثال بذلك.
والظاهر أنّ النسبة بينهما عموم من وجه ، ويكفي الافتراق في الجملة في تحقّق المقابلة بينهما في الآية وغيرها ، ولا يلزم التباين.
ومما ذكرنا يظهر عدم اشتراط جفاف موضع المسح ، بل يجوز إذا كانت بلّة الوضوء غالبة ، بل لا يبعد الجواز إذا لم تكن غالبة أيضاً كما يظهر من بعضهم (٢). وعن ابن الجنيد جوازه في الماء أيضاً (٣).
حجّة الجواز : صدق الامتثال ، وحجّة المنع : أنّه مسح بماء جديد. والأوّل
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣١ ح ٩ ، التهذيب ١ : ٩٢ ح ٢٤٦ ، الاستبصار ١ : ٦٤ ح ١٩١ ، علل الشرائع : ٢٨٩ ، الوسائل ١ : ٢٩٥ أبواب الوضوء ب ٢٥ ح ٢.
(٢) كالشهيد في الذكرى : ٨٩ ، وصاحب المدارك ١ : ٢١٣.
(٣) نقله عنه في المختلف ١ : ٣٠٢.