المكث وعدم التعاقب ، وإلّا فلا يحصل النفوذ في الزمان القليل فلا يطهر.
ثم إنّ المشهور سقوط اعتبار العدد في الأواني أيضاً إذا غسلت في الماء الكثير ، لكن بشرط حصول التعفير فيما احتاج إليه قبله (١). وعن الشيخ كفايته عن غسلة ، فيعفّر بعده ويتمّ العدد (٢). وموثّقة عمّار وغيرها مما تقدّم ظاهرة في القليل ، فلا يبعد الاكتفاء بالمرّة بعد إزالة العين ، وإن كان التعدّد أحوط.
الرابع : يجب غسل ما لاقى المتنجّس رطباً كالملاقي لأصل النجس ، سواء كانت للنجاسة عين أم لا ، وسواء بقيت عينها أو أُزيلت ، بلا خلاف ظاهر من الأصحاب ، على ما يستفاد من تضاعيف أبواب أحكام المياه والنجاسات والمطهرات ، والأخبار المعتبرة به مستفيضة ، بل تقرب حدّ التواتر.
وبالجملة هذه المسألة لا يبعد أن تعدّ من الضروريات ، فضلاً عن الإجماعيات.
وقد ركب بعض المتفقّهين هنا متن عمياء ، فخبط خبط عشواء ، ولقد أشطّ في القول فأفرط ، وتعدّى عن الطور مجانباً عن المنهج وشحط ، وحكم بأنّ المتنجّس لا ينجس بملاحظة بعض الأخبار (٣) (٤) ، وحسب ذلك ضالّته في بيادي الأفكار ، فأضلّه ذلك عن مرافقة الأبرار وموافقة الأخيار ، فأخذ في الطعن والإزراء على الفقهاء الكرام ، ومؤسسي مسائل الحلال والحرام ، بما لا يليق أن يذكر باللسان ، أو يكتب بالأقلام.
واستند في ذلك تارة بظواهر تلك الأخبار الظاهر تأويلها ، وأُخرى بالأصل ، وأنّ دليل عدم النجاسة عدم دليلها.
__________________
(١) منهم العلامة في القواعد ١ : ١٩٨ ، ونهاية الأحكام ١ : ٢٩٦ ، والشهيد في البيان : ٩٣ ، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ١ : ١٩٢.
(٢) الخلاف ١ : ١٧٨ ، المبسوط ١ : ١٤.
(٣) المفاتيح ١ : ٧٥ ، الوافي ٦ : ١٤٥ ، ونقله في الحدائق ٥ : ٢٦٦.
(٤) الوسائل ١ : ٢٠٠ أبواب نواقض الوضوء ب ١٣ ح ٤ ، ٧.