ثم إنّ العلامة لم يعتبر الكرّيّة في ماء المطر وإنّ ألحقه بالجاري (١) ، ولا بأس به ، لكون دلالة أخبار المطر أظهر وأقوى من أدلة الجاري.
السادس : في ماء البئر.
وهو يصدق في العرف على أُمور ، والمراد بها هنا نوع واحد منها ، وهو مجمع ماء نابع من الأرض ، ولا يتعدّاها غالباً ، كما يستفاد من ملاحظة الأخبار وكلام الأصحاب ، ولا خلاف في نجاسته إذا تغيّر بالنجاسة.
وأما بدونه ، فالمشهور بين القدماء حتّى ادّعى عليه السيّد الإجماع هو النجاسة (٢).
وذهب ابن أبي عقيل (٣) وابن الغضائري (٤) وأكثر المتأخّرين إلى الطهارة واستحباب النزح (٥).
وذهب في المنتهي إلى الطهارة والنزح تعبّداً ، ولم يقيّده بعدم جواز الاستعمال قبله ليفرّع عليه بطلان الوضوء به قبل النزح ، لفساد المنهي عنه (٦).
وذهب الشيخ في كتابي الأخبار إلى الطهارة ووجوب النزح ، فيحكم ببطلان الوضوء قبل النزح إذا علم بوقوع النجاسة قبله (٧).
وذهب البصروي (٨) من القدماء إلى نجاسة ما دون الكرّ منه (٩) ، وعن الجعفي
__________________
(١) نهاية الأحكام ١ : ٢٢٩.
(٢) الانتصار : ١١ ، الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٥١ ، السرائر ١ : ٦٩.
(٣) نقله عنه في المختلف ١ : ١٨٧.
(٤) نقله عنه في المدارك ١ : ٥٤.
(٥) كالعلامة في المختلف ١ : ١٨٧ ، وفخر المحقّقين في الإيضاح ١ : ١٧ ، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ١ : ١٢١.
(٦) المنتهي ١ : ٦٨.
(٧) التهذيب ١ : ٢٣٢ ، الاستبصار ١ : ٣٢ ، ولكن يشكل استفادة ذلك من الإستبصار فإنّ كلامه مضطرب.
(٨) بُصري كحبلى بلدة بالشام وقرية ببغداد قرب عكبراء.
(٩) نقله عنه في الذكرى : ٩.