حجّة المخالف : العمومات ، وخصوص الأخبار المعتبرة المستفيضة ، وكثير منها صحيح (١) ، ولكنها لا تقاوم ما ذكرنا.
أما العمومات ، فشمولها لما نحن فيه ممنوع ، لأنّ المتبادر منها بول الإنسان. سلّمنا ، لكنها مخصّصة بما ذكرنا.
وأما الخصوصات فلا يعارض بها ما ذكرنا ، لأنّ الصحيح فيها أيضاً موجود ، ومع اعتضادها بالشهرة العظيمة التي كادت أن تكون إجماعاً ، وموافقتها لأصل البراءة ، والطهارة ، والسهولة واليسر ، ونفي الحرج والعسر ، سيّما في الأسفار ، وخصوصاً في الأيام الكثيرة الريح ، وخصوصاً مع الاحتياج إليها في رضّ الأكداس. فتترجح على معارضاتها وإن لم تكن معتبرة الإسناد ، فكيف مع اعتبار سند كثير منها ، مع مهجوريّة معارضاتها عند الأصحاب ، وتركهم العمل عليها ، وانفراد ابن الجنيد بالعمل عليها مع كونه في الأكثر موافقاً للعامة ، ومخالفتها للأُصول والعمومات والعمل.
فلا بد من حملها على التقيّة ، فإنّ ذلك مذهب بعض العامة ، أو على الكراهة كما صرّح به في رواية زرارة ، عن أحدهما عليهماالسلام : في أبوال الدواب تصيب الثوب ، فكرهه ، فقلت : أليس لحومها حلالاً؟ قال : «بلى ، ولكن ليس مما جعله الله للأكل» (٢).
وإنّما لم نعدّها من جملة الأدلّة ؛ لعدم الحقيقة الشرعيّة في الكراهة في المعنى المصطلح ، ولكن بعد الجمع والتأويل فهو منطبق على المدّعى.
__________________
(١) انظر الوسائل ٢ : ١٠١٠ أبواب النجاسات ب ٩ ح ٦ ، ٩ ، ١١ ، وفي الصحيح منها : يغسل بول الفرس والحمار والبغل ، وأما الشاة وكل ما يؤكل لحمه فلا بأس ببوله ، وفي أُخرى : عن أبوال الخيل والبغال قال : اغسل ما أصابك منها.
(٢) الكافي ٣ : ٥٧ ح ٤ ، التهذيب ١ : ٢٦٤ ح ٧٧٢ ، الاستبصار ١ : ١٧٩ ح ٦٢٦ ، الوسائل ٢ : ١٠١٠ أبواب النجاسات ب ٩ ح ٧ ، وفيها القاسم بن عروة ، ولم يثبت توثيقه.