الروايات ، فيجب طرحها أو تأويلها.
وقد تؤوّل بحملها على التقيّة ، لكون الطهارة مذهب أكثر العامّة ، على ما ذكره الشيخ في الاستبصار (١).
وقد يقال : بل أكثرهم على النجاسة ، كما يظهر من ابن إدريس (٢) وقد عرفت كلامه والسيد ، فإنّه قال : لا خلاف بين المسلمين في نجاسته إلّا من شذّاذ منهم (٣) ، لا اعتبار بقولهم.
وقد يجاب بأنّ ذلك تقيّة من أُمرائهم ، حيث كانوا مولعين بشرب الخمر.
وقد يُردّ بأنّ ذلك ينافي عدم التقيّة في بيان تحريمه في الأخبار من دون تقيّة.
وقد يجاب بأنّ ذلك لأجل كونه ضرورياً من الدين ، مسطوراً في الكتاب المبين.
ويردّ بأنّ المبالغة في الأخبار أزيد مما ظهر في الكتاب ، والضرورة تخالف التقيّة أزيد من بيان نجاسته التي هي موافقة لمذاهب علمائهم.
أقول : ويمكن أن يقال : إنّ النجاسة مما تورث مهانة لصاحبها في أنظار العوام ، بخلاف أكل الحرام ، فقد تستنكف النفوس عن نسبتهم إلى النجاسة وأكل النجس ، بخلاف الحرام ، سيّما الظلمة والمتغلّبين ، فناسب فيه التقيّة.
وأما الحرمة ، فمع علمهم بذلك وتجاهرهم بتعاطيه مع كمال وضوحه فليس بهذه المثابة.
وكيف كان ، فالشهرة العظيمة مع الإجماعات المنقولة وملاحظة حماية الحمى وسدّ الطرق إلى الاستهانة والاستخفاف بمثل هذا الخبيث الذي هو أبو المفاسد العظام ، ومادّة جميع الفسوق والآثام مما يعيّن ترجيح أخبار المشهور.
وأما سائر المسكرات المائعة بالأصالة ، فلم يفرّق الأصحاب بينهما ، ولا خلاف
__________________
(١) الاستبصار ١ : ١٩٠ ذ. ح ٦٦٧.
(٢) السرائر ١ : ١٧٩ ، وكصاحب المدارك ٢ : ٢٩٠.
(٣) المسائل الناصريّة (الجوامع الفقهيّة) : ١٨١.