اللهمّ إلّا أن يدّعى ـ من اهتمام الشارع بالمنع من الفاحشة ونحوها ـ القطع بكون رعاية عدم وقوعها لدى الخوف عذرا مقبولا لدى الشارع في ترك الوضوء وتبديله بالتيمّم. والعهدة على مدّعيه.
ومن هنا يتمشّى الإشكال عند الخوف على نفس الغير أيضا إذا كان أجنبيّا عنه بحيث لا يهمّه حفظه ، كولده وبعض متعلّقيه ، فإنّ الأمر بالوضوء لدى الخوف على الأجنبيّ ليس تكليفا حرجيّا ، ووجوب حفظ نفسه المحترمة عن التلف لا يقتضي وجوب الاحتياط عند احتمال التلف ـ كسائر الشبهات الموضوعيّة ـ كي يصلح عذرا لترك الطهارة الواجبة.
لكنّ الظاهر عدم الخلاف في كون الخوف على النفس المحترمة مطلقا حتّى البهائم في الجملة سببا لجواز التيمّم ، كما يفصح عن ذلك ما ستسمعه من جواز التيمّم لدى الخوف من العطش ولو على غيره ممّن له نفس محترمة ، فيستكشف بذلك شدّة اهتمام الشارع بحفظ النفوس ، وكون رعاية الاحتياط في أمرها لديه من الأعذار المسوّغة للتيمّم ، كما أنّه لدى أرباب المروّات من أهل العرف أيضا كذلك بالنسبة إلى تكاليفهم العرفيّة ، فينحصر الإشكال فيما عدا هذه الصورة من الصور التي لا يكون التكليف فيها بالطهارة المائيّة حكما ضرريّا أو حرجيّا أو مستلزما لمخالفة تكليف وجوبيّ أو تحريميّ ، فليتأمّل.
ونظيره في الإشكال ما حكي (١) عن غير واحد ـ بل عن جماعة (٢) منهم نسبته إلى الأصحاب ـ من عدم الفرق في الخوف على المال بين قليله وكثيره.
وهو متّجه إذا كان مستند الحكم قاعدة نفي الضرر ، لكن لا يصحّ الاستناد
__________________
(١) كما في جواهر الكلام ٥ : ١٠٣.
(٢) كما في جواهر الكلام ٥ : ١٠٣.