وكيف كان فلا إشكال في أصل الحكم ، بل عن جامع المقاصد وغيره (١) الاستشكال في وجوب الوضوء والغسل وعدم جواز التيمّم عند الخوف من المرض اليسير ؛ نظرا إلى أنّه أشدّ ضررا من الشين الذي سوّغوا التيمّم له ، وأنّه لا وثوق بيسير المرض من أن لا يصير شديدا.
ويتوجّه عليه : أنّ المرض الذي لا يؤمن من شدّته ، وكذا ما كان أشدّ من الشين المسوّغ للتيمّم خارج من المفروض.
أمّا الأوّل : فواضح.
وأمّا الثاني : فلما ستعرف من اعتبار الحرج في الشين المسوّغ للتيمّم ، كاعتباره في المرض الذي يخاف من حدوثه.
نعم ، لا يعتبر ذلك لدى خوف المريض زيادة مرضه باستعمال الماء أو تحصيله ، فإنّه يتيمّم وإن لم يكن ما يخاف منه في حدّ ذاته ممّا يشقّ تحمّله ؛ لعدم انحصار مستنده بـ «لا حرج» أو الإجماع الذي يمكن أن يقال فيه : إنّه دليل لبّي لا يفهم منه أزيد من ثبوت الحكم في موارد الحرج.
بل يدلّ عليه ـ مضافا إلى ذلك ـ قوله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) (٢) إلى آخره ، فإنّ مقتضى إطلاقه جواز التيمّم للمريض مطلقا ، لكن علم بشهادة الإجماع وغيره عدم إرادة هذا النحو من الإطلاق منه ، والقدر المتيقّن من تقييده بل المتبادر منه عرفا ـ بعد صرفه عن هذا الظاهر لو لم نقل بأنّه هو الظاهر منه في حدّ
__________________
(١) الحاكي عنهما هو صاحب الجواهر فيها ٥ : ١٠٥ ، وانظر : جامع المقاصد ١ : ٤٧٢ ، والذكرى ١ : ١٨٦.
(٢) النساء ٤ : ٤٣ ، المائدة ٥ : ٦.