روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّ أبا ذر سأله عن هذا ، فقال : «ائت أهلك تؤجر» فقال : يا رسول الله وأؤجر؟ قال : «نعم ، إنّك إذا أتيت الحرام أزرت فكذلك إذا أتيت الحلال أجرت» فقال : «ألا ترى أنّه إذا خاف على نفسه فأتى الحلال أجر» (١).
والذي ينبغي أن يقال في الأخبار الآمرة بالغسل : أمّا المرفوعتان منها فلا يجوز العمل بهما بحال ؛ لضعف سندهما بالإرسال ، وإعراض المشهور عنهما ، مضافا إلى أنّ ثانيتهما مقطوعة ، وأولاهما مخالفة لظواهر الكتاب والسنّة المعتضدة بالقواعد العقليّة والنقليّة التي تجعلها نصّا في العموم أو قريبة من النصّ بحيث لا يرفع اليد عنها إلّا بنصّ صحيح صريح غير قابل للطرح أو التأويل ، بل كيف يتصرّف في إطلاق ما دلّ على أنّ المجدور يتيمّم ولا يغتسل! مع أنّ جملة من أخباره يتضمّن التوبيخ والدعاء على من غسله ، فلو كان الغسل واجبا عليه على تقدير كون جنابته عمديّة ، لم يكن يتوجّه عليه التوبيخ إلّا بعد الاستفصال وانكشاف كون جنابته بسبب الاحتلام ، كما لا يخفى.
وأمّا الصحيحتان فيعارضهما في خصوص موردهما صحيحتا داود بن سرحان والبزنطي ، وصحيحة ابن سنان ، المتقدّمات (٢).
والجمع بينها بحمل تلك الأخبار على ما لو خاف على نفسه التلف والصحيحتين على غيره وإن لم يكن بعيدا بالنظر إلى نفس الأخبار ، لكنّه لا يمكن بعد اعتضاد إطلاق تلك الأخبار ـ الآمرة بالتيمّم ـ بعمل المشهور ، وموافقتها لعمومات نفي الحرج ، التي يشكل ارتكاب التخصيص فيها ، خصوصا في مثل
__________________
(١) السرائر ٣ : ٦١١ ـ ٦١٢ ، الوسائل ، الباب ٢٧ من أبواب التيمّم ، ج ١ و ٢.
(٢) في ص ١٣٤ و ١٤٠.