ثبتت حرمته ، لاتّحاده مع عنوان محرّم من غصب ونحوه ، لكن بشرط أن لا تكون الغفلة أو نحوها مسبّبة عن الجهل بالحكم الشرعيّ الذي لا يعذر بسببه المكلّف ، بل بسبب الجهل بالموضوع أو نسيانه أو نحوهما ، فهاهنا مقامان :
الأوّل : فيما نشأ حرمة الوضوء من اتّحاده مع العنوان المحرّم.
الثاني : فيما تعلّق النهي به بالخصوص.
أمّا وجه الصحّة في المقام الأوّل : فلما تقرّر في محلّه من أنّ الشرائط المنتزعة من التكاليف المستقلّة مخصوصة بحال تنجّز تلك التكاليف ، فالوضوء المتّحد مع الغصب إنّما يفسد إذا أثّرت الغصبيّة في صيرورة الفعل الصادر من المكلّف من حيث صدوره منه قبيحا ، ولا تكفي في ذلك مفسدته الذاتيّة اللازمة للفعل ما لم تؤثّر في قبح الفعل واستحقاق العقاب عليه ، كما تقدّم تحقيقه مفصّلا في مبحث غسل الأموات عند التكلّم في تغسيل غير المحارم للخنثى (١).
وقد اتّضح بما ذكرناه فيما تقدّم وجها لصحّة الغسل الصادر من غير المماثل عند غفلته عن عدم المماثلة مع ورود النهي عن تغسيل غير المماثل : وجه الصحّة في المقام الثاني أيضا حيث عرفت أنّه لا فرق بين العبادة المنهيّ عنها إذا كان تعلّق النهي بها لعروض جهة مقبّحة للفعل مانعة من مطلوبيّته ، لا لرفع ما يقتضي الطلب كصلاة الحائض ونحوها ، وبين العبادة المتصادقة مع المحرّم في الوجود الخارجي في اختصاص مانعيّة الجهة العارضة بصورة العمد الموجب لصيرورة الفعل الصادر من المكلّف من حيث صدوره منه بلحاظ جهته المقبّحة قبيحا ، فإنّ من المعلوم أنّ نهي المريض ـ مثلا ـ عن الوضوء ليس إلّا لتضرّره
__________________
(١) راجع : ج ٥ ، ص ١٠٣ وما بعدها.