لبيان دلالة الآية على أنّ المسح ببعض الوجه واليدين لمكان الباء.
وقد تقدّم بعض الكلام في توجيه الرواية في مبحث الوضوء ، فراجع (١).
وقوله عليهالسلام : «ثمّ وصل بها (وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) أي من ذلك التيمّم» إنّ أبقيناه على ظاهره بإرجاع الضمير إلى نفس التيمّم وإن احتاج توجيهه إلى تكلّف ، فالمتعيّن حمل كلمة «من» على الابتداء ، كما هو واضح.
وإن قلنا بأنّه أريد بالتيمّم ما يتيمّم به ، كما هو الظاهر المناسب لما بعده من التعليل وغيره من القرائن ، فالأمر أيضا كذلك بمعنى أنّ المتعيّن حملها حينئذ أيضا على الابتداء دون التبعيض ؛ فإنّ المقصود بقوله عليهالسلام : «إنّ ذلك أجمع» الحديث ـ على الظاهر ـ إنّما هو بيان حكمة أنّ الله تعالى أوجب أن يكون المسح من الصعيد لا به بنفسه حيث علم أنّه بنفسه لا يتعلّق بالكفّ على وجه يمكن إجراؤه بالكيفيّة المعتبرة في التيمّم على الوجه واليدين ، فأوجب الله تعالى أن يكون المسح ناشئا منه لا به ، وليس المراد بما يعلق ببعض الكفّ من الصعيد العلوق الذي اعتبره القائلون به ؛ ضرورة أنّ ذلك العلوق ـ بعد تسليم صحّة إطلاق كونه بعض الصعيد ـ يعلق غالبا بجميع الكفّ ، كما هو الشرط على الظاهر لدى مشترطيه ، بل ربما يتعلّق بظاهر اليد أيضا ، فالمقصود به على الظاهر ليس إلّا أنّ ذلك الصعيد بنفسه لا يعلق حقيقة إلّا ببعض الكفّ ، فلا يمكن أن يكلّف الناس بإجرائه على الوجه واليدين بالنحو المعتبر فيهما ، ولذا لم يأمرهم بذلك ، وإنّما أوجب عليهم المسح منه بنحو من الاعتبار الذي بيّنه الشارع في الأخبار البيانيّة.
__________________
(١) ج ٢ ، ص ٣٤٠ وما بعدها.