وأمّا ما اعترضوه عليه فإنّما يتمّ لو انحصرت النكتة المقتضية للتقييد ـ مع مخالفته لمقتضى المقام ـ في إرادة المفهوم ، وليس الأمر كذلك ، بل النكتة الظاهرة فيه فضلا عن احتمالها التنبيه على الفرق بين طهوريّة الأرض ومسجديّتها التي أريد بها في هذه الروايات مكان الصلاة ، لا موضع السجود ، كما هو واضح.
ويزيده وضوحا قوله صلىاللهعليهوآله في ذيل رواية المعتبر : «أينما أدركتني الصلاة صلّيت» (١) فلم يقصد في الثانية خصوصيّتها ، ولذا تجوز الصلاة في كلّ مكان ولو لم يكن أرضا ، فالمقصود بالرواية بيان أنّ الله تعالى منّ عليه صلىاللهعليهوآله بأن جعل له كلّ مكان مسجدا ، ولم يخصّصه ببيت المقدّس أو الكعبة ـ زادها الله شرفا ـ أو غير ذلك ، وأنّه تعالى جعل له الأرض طهورا ، فالمراد بالأرض في الأوّل كلّ مكان من غير أن يكون لخصوصيّة الأرضيّة مدخليّة فيه ، وقد عبّر عنه بالأرض ؛ للجري مجرى العادة في مقام التعبير عند إرادة إظهار التوسعة في المكان. وأمّا في الثاني فأريد بها نفسها بعنوانها الخاصّ ، فذكر «ترابها» في الرواية ـ على الظاهر ـ للتنبيه على ذلك ، وأمّا تخصيصه بالذكر فهو إمّا للجري مجرى العادة في مقام التعبير عن إرادة رقبة الأرض من حيث هي ، أو لكونه الفرد الشائع من دون أن تكون خصوصيّته مقصودة بالحكم ، وإلّا لم يجز التيمّم بما عداه بحال ؛ لما أشرنا إليه من أنّ الرواية ليست مسوقة إلّا لبيان الجواز على سبيل الإجمال ، وحيثما جاز التيمّم بمطلق وجه الأرض في الجملة وجب أن لا يكون التخصيص مقصودا بالرواية.
وربما أيّد هذا القول بل استدلّ له بأخبار كثيرة :
منها : الأخبار الواردة بلفظ «التراب» :
__________________
(١) المعتبر ٢ : ١١٦.