لم يكن بعيدا وإن لا يخلو أيضا عن تأمّل ، بل لو لا ظهور رواية محمّد بن مسلم في مساواته للماء لأشكل الجزم بذلك حيث لا يفهم من غيرها جوازه في غير الضرورة.
وكيف كان فإذا ثبت جوازه لا يجوز العدول عنه إلّا لضرورة ، لكنّ الغالب عند انحصار الماء فيه وعدم التمكّن من إذابته ـ كما هو المفروض في موضوع النصوص والفتاوى ـ كون الاغتسال أو التوضّؤ به حرجيّا ، فلا يتنجّز التكليف به.
كما يدلّ عليه ـ مضافا إلى قاعدة نفي الحرج ـ صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سألته عن رجل أجنب في سفر ولم يجد إلّا الثلج أو ماء جامدا ، قال : «هو بمنزلة الضرورة يتيمّم ، ولا أرى أن يعود إلى هذه الأرض التي توبق دينه» (١).
ولا ينافيها الأخبار المتقدّمة ؛ لما عرفت في محلّه (٢) من أنّ التيمّم في مواقع كون الطهارة المائيّة حرجيّا رخصة لا عزيمة ، فله أن يتحمّل المشقّة ويأتي بالطهارة المائيّة ، بل قد أشرنا في محلّه أنّ هذا هو الأفضل ، ولا يكاد يستفاد من الأخبار الآمرة بالتمسّح بالثلج أزيد من ذلك.
أمّا صحيحة عليّ بن جعفر فهي ناطقة بالمدّعى حيث قال فيها : «الثلج إذا بلّ وجهه وجسده أفضل» وظاهره جواز التيمّم أيضا ، كما تقتضيه قاعدة نفي الحرج والصحيحة المتقدّمة (٣).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٦٧ (باب الرجل يصيبه الجنابة ..) ح ١ ، التهذيب ١ : ١٩١ ـ ١٩٢ / ٥٥٣ ، الإستبصار ١ : ١٥٨ / ٥٤٤ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب التيمّم ، ح ٩.
(٢) في ص ١٥٠.
(٣) أي : صحيحة محمّد بن مسلم ، المتقدّمة آنفا.