وأمّا رواية معاوية بن شريح فلا يفهم منها أيضا إلّا صحّة التوضّؤ بالثلج وشرعيّته.
نعم ، ظاهر رواية محمّد بن مسلم : وجوب الاغتسال بالثلج أو ماء النهر ، لكن يجب إمّا تقييدها بما إذا لم يستلزم الحرج ، أو حملها على الاستحباب ، كما عرفت تحقيقه عند التعرّض لبيان مسوّغات التيمّم.
والحاصل : أنّه لا تأمّل في كون الحرج ـ الذي هو في الغالب من لوازم الاغتسال أو التوضّؤ بالثلج فيما هو المفروض في موضوع المسألة ـ من مسوّغات التيمّم ، فحينئذ لا وقع للاعتراض على المفيد بأنّه إن تحقّق به الغسل الشرعي ، كان مقدّما على التراب ومساويا للماء ، وإن قصر عن ذلك ، سقط اعتباره ؛ لما عرفت من أنّه مع كونه مساويا للماء وجائزا استعماله يجوز تركه لمكان الحرج ، مع أنّك قد عرفت أنّه على تقدير كونه أقصر من ذلك أيضا يمكن القول باعتباره ؛ لقاعدة الميسور.
لكن يتوجّه عليه : أنّه كما تقتضي قاعدة نفي الحرج عدم وجوبه عليه لدى التمكّن من التراب ، كذلك تقتضيه بدونه ، مع أنّ ظاهر كلامه وجوب استعمال الثلج حينئذ.
ويمكن التفصّي عنه بدعوى أنّ من يراجع الآثار الشرعيّة لا يكاد يشكّ في أنّ دائرة الحرج المبيح للتيمّم أوسع لدى الشارع من الحرج الرافع للتكليف بالطهارة والصلاة ، بل ربما يدّعى وهن عموم «لا حرج» وعدم جواز الأخذ به ما لم ينجبر بعمل الأصحاب ، فكيف يؤخذ به بالنسبة إلى الصلاة مع الطهور ، التي علم اهتمام الشارع بها!؟ بل لم نجد موردا رفع يده عنها بالمرّة ، فالحرج المتحقّق