لرفع اليد عن ظواهر الأدلّة المعتبرة.
أمّا الأوّل : فواضح.
وأمّا الأخيران : ففيهما أنّ المناط في شرعيّة التيمّم ـ على ما يستفاد من ظاهر الكتاب وغيره ـ هو العجز عن استعمال الماء ، والاضطرار إلى فعل التيمّم عند إرادة الإتيان بشيء من غاياته ، لا الاضطرار إلى إيجاد تلك الغاية مع التيمّم ، فالمناط هو العجز حين الفعل ، كما عرفت نظيره في مبحث الوضوء الصادر تقيّة ، لا العجز المطلق ، وإلّا لم يتحقّق موضوعه بالنسبة إلى التيمّم لقضاء الفوائت وغيرها من الواجبات الغير الموقّتة ، ولم يكن وجه لعدم الإعادة عند وجدان الماء بعد الصلاة ، كما نطق به المعتبرة المستفيضة.
وأمّا ما قيل ـ من وجوب الانتظار مع العلم بحصول الماء في آخر الوقت ـ ففيه : أنّه إن دلّ عليه دليل من نصّ أو إجماع ، فهو ، وإلّا فللنظر فيه مجال وإن كان الأظهر انصراف ما دلّ على شرعيّة التيمّم للعاجز عن العاجز الذي يعلم بأنّه سيتمكّن عن قريب من استعمال الماء ، بل يمكن أن يقال : إنّ هذا لا يعدّ عرفا من مصاديق العاجز وإن تعذّر عليه عقلا فعل الوضوء بالفعل ؛ فإنّه بنظر العرف بمنزلة الواجد للماء ، الذي يسعى في تحصيل مقدّماته ، فإنّه قبل تحصيل المقدّمات يمتنع في حقّه الوضوء ، لكنّه ليس بنظر العرف من أفراد العاجز.
ألا ترى أنّه لو أمر المولى عبده بإطعام شخص ـ مثلا ـ في الغد بخبز الحنطة مع الإمكان ، وبالشعير لدى الضرورة ، ولم يجد العبد في البلد إلّا الشعير فأطعمه بذلك ، يعدّ ممتثلا وإن احتمل حال الإطعام تجدّد القدرة من تحصيل الحنطة فيما بعد ، بخلاف ما لو علم بأنّه سيتمكّن من تحصيله في زمان يقع امتثالا للواجب.