المستحبّة والواجبة ـ فنقول : إنّه لا استحالة في أن يكون التيمّم مزيلا لتلك القذارة على وجه يعدّ نظافة مع الضرورة ، لا بدونها ، نظير تنظيف اليد عن القذارات الصوريّة بالمسح بالحائط ونحوه حيث يعدّ نظافة لدى العرف في مقام الضرورة ، لا بدونها ، بل من الجائز أن يكون التيمّم رافعا لتلك القذارة بالمرّة ، ولكن تكون أسبابها المؤثّرة في حدوثها مقتضيات لتجدّدها عند تجدّد القدرة من استعمال الماء.
والحاصل : أنّه ليس مثل هذه المبعدات من الأمور التي يرفع اليد بها عن ظواهر الكتاب والسنّة المتواترة الدالّة على كون التيمّم ـ كالوضوء والغسل ـ طهورا.
وأمّا ما ادّعوه من الإجماع على عدم كونه رافعا للحدث فلا يبعد أن يكون مراد المجمعين عدم كونه ـ كالوضوء والغسل ـ مزيلا لأثره بالمرّة على وجه لا يحتاج إلى فعل الطهور إلّا بسبب جديد ، وهذا حقّ لا محيص عنه.
وأمّا إنكار أنّ التيمّم يفيد الطهارة ـ التي هي شرط للصلاة ـ للمضطرّ ما دام مضطرّا فكاد يكون مصادما للضرورة.
فظهر لك أنّه لا مانع من قصد حصول الطهارة بفعل التيمّم ، بل ولا من قصد رفع الحدث ، لكن على الوجه الذي جعله الشارع له ، لا الرفع المطلق الذي هو من خواصّ الوضوء والغسل ، فلو نوى ذلك فقد شرّع ، لكن لم يبطل تيمّمه إلّا إذا جعله وجها للأمر الذي قصد امتثاله ـ بأن نوى امتثال الأمر بالتيمّم الذي أثره كذلك ـ فيبطل ؛ إذ لا أمر بهذه الكيفيّة.
وإن أردت مزيد توضيح للمقام ، فلاحظ ما أسلفناه في باب الوضوء ، و