التفؤّل بالمصحف بكيفيّة خاصّة بأن تصلّي على النبيّ صلىاللهعليهوآله ثلاث مرّات ثمّ تقرأ التوحيد ثلاث مرّات ثمّ تقرأ الدعاء الفلاني ثمّ تفتح المصحف ، لا يفهم من إطلاق قول المجتهد شرعيّة هذه الأمور على الإطلاق ولو عند تقطيع بعض أجزائها عن بعض بأن يأتي بعضها ـ مثلا ـ في الصبح وبعضها في الظهر وبعضها في العصر ، بل لا ينسبق إلى ذهنه إلّا إرادة إيجادها متوالية.
والإنصاف أنّ منع انصراف مثل هذه الإطلاقات عن مثل الفرض مكابرة.
وأمّا دعوى انصرافها إلى إرادة التوالي المانعة من نفي شرطيّته بأصل البراءة فهي قابلة للتأمّل وإن كان الأقرب هو الانسباق لكن لا على وجه يظهر منه الاشتراط ، بل نظير إرادة القيود الجارية مجرى العادة في عدم كونها من مقيّدات ما تعلّق به الغرض ، فالمتبادر من الأمر بإيجاد مركّب مترتّب أجزاؤه في الوجود إنّما هو إرادة إيجاد تلك الأجزاء بلا فصل يعتدّ به زائدا عمّا يقتضيه العرف والعادة لكن لا على وجه يفهم منه كون الفصل مخلّا بغرض الآمر ، نظير ما لو أمر المولى عبده بغسل ثوبه ، وكان عندهما ماء ، فإنّ المتبادر منه إرادة الغسل بالماء الموجود من دون أن يفهم منه اشتراط الخصوصيّة ، وحينئذ لو شكّ في اعتبار تلك الخصوصيّة الحاضرة في ذهن الآمر ، الموجبة لعدم التفاته في مقام الطلب إلّا إليها ، يشكل رفع اليد عنها ما لم يعلم بعدم مدخليّتها في الغرض ، بل لا يبعد أن يقال : إنّ المتعارف في هذا النوع من المركّبات لدى العرف على تقدير احتياجهم إليها في مقاصدهم العرفيّة إنّما هو إيجادها متتابعة ، نظير قراءة دعاء أو شعر أو قصيدة ، فلو تعلّق الأمر بشيء من هذا السنخ وإن لم يكن شخصه معهودا لديهم ، لا يتبادر إلّا إرادته بالكيفيّة المتعارفة في نوعه ، فالمتبادر من الأمر بالوضوء والغسل والصلاة