ممّن لم يخالف عليّا في المذهب ، ونسبة الضربتين إلى أكثر التابعين (١) ، فلا تكافئ هذه الروايات الأخبار السابقة لا من حيث الصدور ولا من جهة الصدور ولا من حيث الدلالة ، فالمتعيّن إمّا طرحها أو حملها على الاستحباب ، والثاني أشبه بالقواعد بل أحوط.
حجّة المشهور أمور عمدتها الجمع بين الأخبار بحمل الطائفة الأولى على ما كان بدلا من الوضوء ، والثانية على ما كان بدلا من الغسل بقرينة الشهرة ونقل الإجماع ، كما عن ظاهر بعض (٢) ، بل الإجماع المحقّق بتقريب أن يقال : إنّ مفاد الطائفة الأولى كفاية ضربة واحدة في التيمّم ، فهي نصّ في الكفاية في الجملة ، وظاهرها الاطّراد ، والطائفة الثانية أيضا نصّ في اعتبار التعدّد ، وظاهرها الاطّراد ، فمقتضى القاعدة رفع اليد عن الظاهرين بالنصّين ، والالتزام بوجود القسمين في التيمّم ، فوجب أن يكون مورد كلّ من القسمين ما هو المشهور ؛ للإجماع على بطلان تفصيل آخر وراء هذا التفصيل.
وفيه ـ بعد الغضّ عن عدم صلاحيّة الشهرة ونقل الإجماع شاهدة للجمع إلّا على تقدير كشفها عن قرينة داخليّة أو خارجيّة ـ إباء جلّ الأخبار بل كلّها عن هذا الحمل ؛ لأنّها ما بين صريح أو ظاهر في أنّ التيمّم من الوضوء والغسل من الجنابة واحد ، بل قد سمعت أنّ القدر المتيقّن من الأخبار الحاكية للفعل ـ التي لا يبعد دعوى تواترها ـ إنّما هو بيان ما هو بدل من الغسل ، كما هو صريح بعضها ،
__________________
(١) قاله الطيّبي في شرح المشكاة كما في بحار الأنوار ٨١ : ١٥٠ ـ ١٥١.
(٢) حكاه الوحيد البهبهاني في الحاشية على المدارك ٢ : ١٤٠ عن ظاهر الشيخ الطوسي في التبيان ٣ : ٢٠٨ ، والطبرسي في مجمع البيان ٣ ـ ٤ : ٥٢.