فيمتنع ارتكاب هذا التأويل فيها.
اللهمّ إلّا أن يلتزم بإهمال تلك الأخبار وعدم كونها مسوقة إلّا لبيان كيفيّة المسح ، دفعا لتوهّم كونه كالغسل ، كما وقع لعمّار ، فيتّجه حينئذ القول باعتبار المرّتين مطلقا بمقتضى الأخبار الأخيرة التي وقع التصريح في بعضها بأنّ التيمّم من الوضوء والغسل من الجنابة ضرب واحد.
لكنّك عرفت أنّ الالتزام بالإهمال أيضا في غاية الإشكال ، فإنّه وإن أمكن ذلك بالنظر إلى آحاد الأخبار على بعد لكنّه لا يمكن بالنظر إلى المجموع بملاحظة كثرتها ووقوع جميعها جوابا عن السؤال عن كيفيّة التيمّم على الإطلاق.
بل كيف يحتمل إن لم يقصد النبيّ صلىاللهعليهوآله بفعله بيان الماهيّة المخترعة بخصوصيّاتها المعتبرة فيها بعد وقوع السؤال عنها في صدر الشريعة عند جهل عامّة الناس بها!؟ فاختيار النبيّ صلىاللهعليهوآله للفعل لم يكن إلّا لكونه أوفى في البيان من القول ، فكيف يتطرّق فيه شائبة الإهمال!؟
فالإنصاف أنّ هذا الجمع طرح لجميع الأخبار من غير شاهد.
وربما يستشهد له بالصحيحة التي رواها الشيخ عن ابن أذينة عن محمّد ابن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن التيمّم ، فضرب بكفّيه الأرض ثمّ مسح بهما وجهه ثمّ ضرب بشماله الأرض فمسح بها مرفقه إلى أطراف الأصابع واحدة على ظهرها وواحدة على بطنها ثمّ ضرب بيمينه الأرض ثمّ صنع بشماله كما صنع بيمينه ، ثمّ قال : «هذا التيمّم على ما كان فيه الغسل ، وفي الوضوء الوجه واليدين إلى المرفقين ، وألقى ما كان عليه مسح الرأس والقدمين ، فلا يؤمّم بالصعيد» (١).
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢١٠ / ٦١٢ ، الإستبصار ١ : ١٧٢ / ٦٠٠ ، الوسائل ، الباب ١٢ من أبواب التيمّم ، ح ٥.