وبصحيحة زرارة ، المتقدّمة (١) التي استشهدنا بها لاعتبار الضربتين على الإطلاق.
وفي الاستشهاد بهما ما لا يخفى ؛ فإنّ توجيه صحيحة زرارة على وجه ينطبق على هذا التفصيل يتوقّف على تكلّفات بعيدة ، فإنّ المتبادر من قوله عليهالسلام بعد السؤال عن كيفيّة التيمّم : «هو ضرب واحد للوضوء والغسل من الجنابة» إرادة عطف الغسل على الوضوء ، يعني أنّ التيمّم لهما نوع واحد لا اختلاف فيهما ، ثمّ بيّن كيفيّته بقوله : «تضرب بيديك الأرض» إلى آخره. وجعل الغسل من الجنابة ابتداء كلام آخر ، وحمل قوله عليهالسلام : «التيمّم ضرب واحد للوضوء» على إرادة أنّ ما كان بدلا من الوضوء يحصل بضربة واحدة كما ترى.
وأمّا صحيحة محمّد بن مسلم : فهي على الظاهر ما استند إليه عليّ بن بابويه فيما ذهب إليه من القول باستيعاب مسح الوجه واليدين مع التزامه بالضربات الثلاث ، وقد أشرنا فيما سبق إلى شذوذها وعدم صلاحيّتها لمعارضة غيرها ، مع موافقتها للعامّة ومخالفتها للكتاب ؛ بشهادة الصحيحة المتقدّمة (٢) المفسّرة للآية ، الدالّة على أنّ المسح ببعض الوجه واليدين.
هذا ، مع أنّه لا يستفاد من هذه الصحيحة التفصيل بين القسمين في عدد الضربات ، فلعلّ المراد بها الفرق بينهما في كيفيّة المسح بكونه في التيمّم للغسل مبتدئا من المرافق ، وفي الوضوء منتهيا إليها ، قياسا على مبدله ، كما يشعر بذلك
__________________
(١) في ص ٣٠٧.
(٢) في ص ٢٨٩ ـ ٢٩٠.