قوله عليهالسلام : «وفي الوضوء الوجه واليدين إلى المرفقين» فيكون هذا التفصيل في حدّ ذاته من موهنات الرواية حيث يجعلها أشبه بقول العامّة ، وقد أمرنا بطرح ما يشبه قولهم (١).
ثمّ لو سلّم ظهور الصحيحتين في المدّعى ، فليس على وجه يصلح لصرف الأخبار الظاهرة في اتّحادهما نوعا فضلا عمّا هو صريح في ذلك ، كموثّقة عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سألته عن التيمّم من الوضوء ومن الجنابة ومن الحيض للنساء سواء؟ قال : «نعم» (٢).
هذا كلّه بعد الإغماض عمّا بيّنّاه من إباء الأخبار الحاكية لفعل النبيّ صلىاللهعليهوآله عن هذا الحمل ؛ لكونه بمنزلة النصّ فيما هو بدل من الغسل ، فتتحقّق المعارضة بين جميع تلك الروايات وبين الصحيحتين اللّتين عرفت حالهما من حيث الدلالة وجهة الصدور ، فالمتعيّن بعد تسليم الدلالة إمّا طرحهما أو التأويل ولو بالحمل على الاستحباب.
وبهذا ظهر لك الجواب عن الاستشهاد بما رواه العلّامة عن الشيخ ـ في الصحيح ـ عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام «أنّ التيمّم من الوضوء مرّة واحدة ، ومن الجنابة مرّتان» (٣) مع أنّه صرّح جماعة (٤) بعدم وجدان هذه الرواية
__________________
(١) انظر : بحار الأنوار ٢ : ٢٣٥ / ١٨ و ١٩ نقلا عن رسالة الراوندي ، والتهذيب ٨ : ٩٨ / ٣٣٠ ، وعنهما في الوسائل ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الأحاديث ٣١ و ٣٤ و ٤٦.
(٢) الفقيه ١ : ٥٨ / ٢١٥ ، التهذيب ١ : ٢١٢ / ٦١٧ ، الوسائل ، الباب ١٢ من أبواب التيمّم ، ح ٦.
(٣) منتهى المطلب ١ : ١٤٨ ـ ١٤٩ ، وانظر : التهذيب ١ : ٢١١ ، ذيل ح ٦١٢ ، والوسائل ، الباب ١٢ من أبواب التيمّم ، ح ٨.
(٤) كما في جواهر الكلام ٥ : ٢١٢ ، ومنهم : العاملي في مدارك الأحكام ٢ : ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ، والحرّ العاملي في الوسائل ، ذيل ح ٨ من الباب ١٢ من أبواب التيمّم.