واحدة» (١).
لكنّ الأقوى خلافه ؛ فإنّ دعوى قصور الأخبار الآمرة بالمضيّ عن إفادة الوجوب بعد مغروسيّة حرمة قطع الصلاة وكون النقض منافيا لاحترامها في أذهان المتشرّعة غير مسموعة ، خصوصا بالنسبة إلى الروايتين المفصّلتين اللّتين وقع التعبير فيهما بأنّه «إن لم يركع فلينصرف ، وإن كان قد ركع فليمض» فإنّ حمل مثل هذين الأمرين على مجرّد بيان الجواز إفراط في التأويل ، بل ظاهرهما الوجوب ، وغاية ما يمكن التأويل فيهما بواسطة الجمع ـ الذي هو أولى من الطرح ـ إنّما هو الحمل على الاستحباب ، كما قوّيناه في الفقرة الاولى.
وأمّا الحمل على مجرّد الجواز المجامع لمرجوحيّة الفعل فهو في غاية البعد خصوصا بعد حمل الفقرة الأولى على الاستحباب ، فإنّ التفصيل يقطع الشركة.
وبهذا ظهر لك أنّ الخبرين ـ اللّذين استشهدنا بهما للجمع ـ لا ينهضان لذلك ، بل هما معارضان للأخبار الآمرة بالمضيّ ؛ لوضوح المناقضة بين الأمر بالمضيّ والانصراف ، فالمتعيّن طرح الخبرين مع قصورهما في حدّ ذاتهما من حيث السند ، وإعراض الأصحاب عنهما ، وتنافي مفاديهما ، وموافقتهما للعامّة على ما قيل (٢) ، فلا ينهضان للحجيّة فضلا عن المعارضة ، فلو سلّم قصور الأخبار الآمرة بالمضيّ عن إفادة الوجوب ، لكفى في ذلك استصحاب حرمة القطع.
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٠٣ / ١٢٦٣ ، الإستبصار ١ : ١٦٧ / ٥٧٩ ، الوسائل ، الباب ٢١ من أبواب التيمّم ، ح ٥.
(٢) راجع : جواهر الكلام ٥ : ٢٤٢.