ومنها : أنّه يستباح بالتيمّم كلّ غاية مشروطة بالطهور ، بمعنى أنّه يجوز فعله للتوصّل إلى كلّ غاية من غاياته بأن يتيمّم ـ مثلا ـ لمسّ المصاحف ، أو اللّبث في المساجد ، فكما يستباح بفعله جميع الغايات وإن لم يضطرّ إلى فعلها ، كذلك له فعله لاستباحة تلك الغايات ، فلا تتوقّف صحّته على ما إذا وجد لغاية خاصّة من صلاة ونحوها ، كما توهّمه بعض (١).
وملخّص الكلام في المقام أنّ الشارع جعل التراب طهورا لمن لم يجد الماء ، أي : عجز عن استعماله ، كما جعل الماء طهورا لمن قدر عليه ، بمعنى أنّه جعل التراب للعاجز بمنزلة الماء للقادر ، ويتفرّع عليه جميع الأحكام المذكورة من استباحة جميع الغايات بالتيمّم ، وشرعيّة التيمّم للجميع ، واستباحة الجميع بفعله للبعض ، فمتى تحقّق العجز عن الاستعمال اندرج المكلّف في الموضوع الذي شرّع له التيمّم ، فجاز له التطهّر به لأيّ غاية أحبّ ولو للتجديد أو الكون على الطهارة.
وتوهّم عدم كونه مفيدا للطهارة ، وإلّا لم ينتقض بوجدان الماء ، فلا يشرع له قصده قد عرفت دفعه في محلّه ، فلا تتوقّف شرعيّة التيمّم بعد تحقّق العجز إلّا على مطلوبيّة الطهور ، سواء كان لذاته أو لشيء من غاياته ، واجبة كانت أم مندوبة ، ومتى تطهّر به لشيء من الغايات فقد حصلت الطهارة ، واستبيح له جميع ما يتوقّف على الطهور ، وإلّا للزم إمّا أن لا يكون التيمّم طهورا له ، أو لا تكون الطهارة لتلك الغاية مطلوبة منه ، فيفسد لذلك ، أو يتخلّف أثر الطهارة عنها ، والأخير باطل بالبديهة ، والثاني ينافيه إطلاق مطلوبيّة الغاية ومحبوبيّة الطهور ، والأوّل خلاف
__________________
(١) فخر المحقّقين في إيضاح الفوائد ١ : ٦٦ ـ ٦٧.