خصوص مالكه ، أو كونه مدّخرا لقضاء حوائجهم من غير أن يقصدوا به التملّك ، فإن قلنا بصيرورته في مثل الفرض ملكا للجميع أو لخصوص من حازه ، فقد عرفت حكمه ، وإن قلنا ببقائه على الإباحة الأصليّة ، فيتبع إناءه ، بمعنى أنّ لمالكه منع الغير من التصرّف فيه.
وكيف كان فلا يكاد يتحقّق فرض لم يتمكّن فيه المحدث من أن يتوضّأ بعد فرض كونه صاحب حقّ وبنائه على المداقّة في استيفاء حقّه.
فالأظهر عدم وجوب المداقّة وجواز البذل ، فالأولى رعاية ما يقتضيه حسن المعاشرة من تقديم ما هو الأحوج ، وعدم ملاحظة حقّ الاختصاص والملكيّة بالنسبة إلى الماء الذي بناء أمره على التوسعة فيما بين الأصدقاء في الأسفار وغيرها (فالأفضل تخصيص الجنب به) كما يدلّ عليه الصحيحة المتقدّمة (١).
ولو اجتمع جماعة محدثون بالأصغر وجنب ومعهم من الماء ما يكفي إمّا لغسل الجنب أو لوضوء من عداه ، لا يبعد أولويّة رعاية حقّ الجماعة ، كما يشهد له خبر أبي بصير ، قال : سألت الصادق عليهالسلام عن قوم كانوا في سفر فأصاب بعضهم جنابة وليس معهم من الماء إلّا ما يكفي الجنب لغسله يتوضّؤون هم هو أفضل أو يعطون الجنب فيغتسل وهم لا يتوضّؤون؟ فقال : «يتوضّؤون هم ويتيمّم الجنب» (٢).
ويدلّ على أولويّة تقديم غسل الجنب على الميّت ـ مضافا إلى الصحيحة
__________________
(١) أي : صحيحة عبد الرحمن بن أبي نجران ، المتقدّمة في ص ٣٦١.
(٢) التهذيب ١ : ١٩٠ / ٥٤٨ ، الوسائل ، الباب ١٨ من أبواب التيمّم ، ح ٢.